بكت سارة كثيرا أمام الضابط المحقق في المخفر وكاد يغشى عليها من فرط الألم والحزن، واستحلفت المحقق ان يثبت كل كلمة ستقولها في التحقيق لتدين زوجها قاسي القلب عديم الرحمة، لأنها لم تعد تهابه أو تخشى ثورته أو عقابه أو حتى ان يشي بها الى أهلها، خاصة والدها الذي يؤازره على طول الخط.
حاولت سارة ان تسيطر على أعصابها قليلا حتى تحكي للمحقق قصتها كاملة.. قصة العذاب والألم التي عاشتها منذ طفولتها. روت له كيف كانت أسرتها تعاملها أسوأ معاملة، وكيف كان اخوتها يعايرونها لأنها قبيحة المظهر أو 'جيكره' كما كانوا يدعون حتى والدتها التي كان من المفروض ان تكون أقرب الناس اليها باتت تسخر منها وتتهكم عليها مثل اخوانها واخواتها، بل كانت دائما تشكو سوء حظها لأن الله وهبها ابنة قبيحة لا تملك أي مسحة من الجمال، ولن تفوز بعريس حتى ولو كان كهلا لدماثتها وقبحها.
كانت سارة المسكينة تتألم من سخرية والديها واخوانها واخواتها، وحتى صديقاتها وزميلاتها في المدرسة لم تسلم من سخريتهن. وعلى الرغم من هذا حاولت سارة ان تعوض النقص الذي تعانيه بكثير من الصبر وبذل المجهود لاثبات تفوقها في دراستها، حتى نجحت في الحصول على الثانوية العامة، ودخلت الجامعة بينما توقف اخواتها عن الدراسة عند المرحلة الثانوية أو المتوسطة.
التقطت سارة أنفاسها وهي تقص حكايتها على المحقق، ثم أكملت قائلة انها عندما وصلت الى سن الخامسة والثلاثين فقدت الأمل في ان تتزوج فأكملت مسيرة حياتها وألغت فكرة الزواج، الى ان فاجأها والدها ذات يوم بان ابن عمها يطلب يدها للزواج.
تعجبت سارة لأن ابن عمها هذا هو الوحيد الذي لم يتزوج لظروف صحية منعته من الزواج، كما انه يصغرها بثمانية أعوام، ولم يحصل من التعليم الا على المرحلة الابتدائية فقط، وهو أيضا عاطل عن العمل وهي موظفة مرموقة في مكان عملها. الفروقات كثيرة جدا ومع ذلك أصر والدها على زواجها منه فوافقت مجبورة.
وبعد الزواج بدأ ابن عمها الذي يعاني داء الصرع ونوباته الشديدة، يكشر عن انيابه ويتعدى عليها بالضرب في بداية كل أول شهر للاستيلاء على راتبها، وان رفضت أو تباطأت يعتدي عليها بوحشية شديدة هذا الى جانب السخرية منها لأنها عجوز وتكبره بسنوات كثيرة ودميمة.
فاض الكيل بسارة وحاولت ان تطلب منه الطلاق لكنه رفض رفضا شديدا فهددته بالامتناع عن منحه راتبها، فما كان منه الا ان تحين الفرصة وذهب الى مقر عملها وحاول التعدي عليها بالضرب امام زملائها وزميلاتها بهدف الاستيلاء على معاشها وعندما تصدى له زميل لها كال له اللكمات بقوة حتى سقط مضرجا بدمه فاقدا للوعي.
استدعى باقي الزملاء رجال الشرطة والاسعاف لنقل زميلهم الى المستشفى. وبعد فترة تبين ان زوج سارة سبب له عاهة مستديمة اذ فقد السمع في احدى اذنيه مما استدعى تقديمه للمحاكمة واصدرت المحكمة عليه حكما بالسجن ستة اشهر مع الشغل والنفاذ.
وطلبت سارة من المحقق اثبات تلك الواقعة حتى تتمكن من رفع دعوى طلاق على زوجها.
مواقع النشر (المفضلة)