السلام عليكم

زوال اسرائيل



المفسّر الحقيقي للنبوءات الصادقة هو الواقع، لأنّ النبوءة الصادقة لا بدّ أن تتحقق في أرض الواقع. ومن هنا لا بُدّ من أن نستعين بالتّاريخ قدر الإمكان لنصل إلى فهمٍ ينسجم من ظاهر النّص القرآني حتى لانلجأ إلى التأويل الذي لجأ إليه الأقدمون وبعض المعاصرين . ونحن هنا لانعطي التاريخ الصِّدقِيَّة التّامّة، فمعلوم لدينا أنّ الظنّ هو القاعدة في عالم التاريخ، لكننا في الوقت نفسه لانجدُ البديل الذي يجعل تفسيرنا أقرب إلى الصواب، فنحن فقد نحاول أن نقترب من الحقيقة .
قضى الله في التوراة أنّ بني إسرائيل سيدخلون الأرض المباركة، وسيقيمون فيها مجتمعاً (دولة)، ثم يفسدون إفساداً كبيراً تكون عقوبته أن الله يبعث عليهم عباداً أقوياء يجتاحون ديارهم . وسيتكرر إفسادهم، فيبعث اللهُ العباد مرةً أخرى، فيدمّرون ويهلكون كل ما يسيطرون عليه إهلاكاً وتدميراً، وإليك بيان ذلك :
بعد وفاة (موسى) عليه السلام دخل (يوشع بن نون) ببني إسرائيل الأرض المقدسة التي كتب اللهُ لهم أن يدخلوها: (( يَاقَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ )) [ سورة المائدة الآية 21 ] ، وبذلك تحقق الوعد لهم بالدّخول وبإقامة مجتمع إسرائيلي . وقد تمكن (داود) عليه السلام من فتح القدس، و إقامة مملكة. و من هنا نجد ( كتاب الملوك الأول ) فى (العهد القديم) يُستَهل بالحديث عن شيخوخة داود عليه السلام و موته. و مع أن (العهد القديم) قد نسب إلى داود عليه السلام ما لا يليق بمقامه، إلا أنه حكم له بالصلاح على خلاف ابنه و خليفته سليمان عليه السّلام . جاء فى الإصحاح الحادي عشر، من سفر الملوك الأول : (....فاستطعن فى زمن شيخوخته أن يغوين قلبه وراء آلهة أُخرى، فلم يكن قلبه مستقيما مع الرب إلهه كقلب داود أبيه. و ما لبث أن عبد عشتاروت .... وارتكب الشّر فى عينى الرب، و لم يتبع سبيل الربّ بكمال كما فعل أبوه داود ). أقول: إننا نتفق مع كتبة العهد القديم على أنّ لداود عليه السلام ولد اسمه (سليمان)، و أنه كان حكيماً، و أنّه ملك بعد وفاة أبيه. و لكننا نخالفهم فى النظرة إليه عليه السلام، فهو كما جاء فى القرآن الكريم (( وَوَهَبْنَا لِدَاوُدَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ)) [ سورة ص،الآية: 30] . من هنا نعتبر أنّ الفساد بدأ بعد وفاة سليمان عليه السّلام ، عندما انقسمت دولة النبوّة إلى دولتين، متنازعتين، و انتشر الفساد، و شاعت الرزيلة. جاء فى مقدمة ( كتاب الملوك الأول ) : (... يبين كتاب الملوك الأول، بشكل خاص، تأثير المساوئ الإجتماعية المفجع على حياة الأمة الروحية) [ الكتاب المقدس - كتاب الحياة ترجمة تفسيرية - جى.سى.سنتر - مصر الجديدة- القاهرة- ط4-ص 434] توفى سليمان عليه السّلام عام (935 ق.م ) [ أخطاء يجب أن تصحح فى التاريخ، د. جمال مسعود، دار طيبة، الحجاز، ط1، 1986،ص 61 نقلاً عن كتاب سياسة الاستعمار و الصهيونية تجاه فلسطين، حسن صبري الخولى ، فحصل أن تمرد عشرة أسباط و نصبوا (يربعام بن ناباط) ملكاً على (مملكة إسرائيل) فى الشمال. و لم يبق تحت حكم (رحبعام بن سليمان) سوى سبط (يهوذا). و هكذا نشأت مملكة(إسرائيل) فى الشمال، و مملكة (يهوذا) فى الجنوب و عاصمتها القدس. و كان الفساد، فكان الجوس من قبل الأعداء الذين اجتاحوا المملكتين في موجات بدأها المصريّون، وتولى كبراها الأشوريون، و الكلدانيون، القادمون من جهة الفرات. جاء فى مقدمة (كتاب الملوك الثانى ): ( ففى سنة 722 ق.م هاجم الأشوريّون مملكة إسرائيل فى الشمال ودمّروها؛ و فى سنة سنة 586 ق.م زحف الجيش البابلى على مملكة يهوذا فى الجنوب و قضوا عليها ... ففى هذا الكتاب نرى كيف سخّر الله الأشوريّين و البابليين، لتنفيذ قضاؤه بشعبى مملكتا يهوذا و إسرائيل المنحرفين. يجب التنويه هنا أن الخطيئة تجلب الدّينونة على الأمّة أمّا البرّ فمدعاة لبركة الله. يكشف لنا كتاب الملوك الثاني أنّ الله لايُدين أحداً قبل إنذاره، وقد بعث بأنبيائه أولاً ليحذروا الأمّة من العقاب الإلَهى) [ كتاب الحياة، المرجع السابق، ص 478] .


منقووووووول

الطموح