هناك فئة من الناس تبني وتعطي عملياً أو حتى بالكلمة الحلوة. وفئة أخرى لا هدف لها سوى الهدم والإساءة. هناك من يرى الدنيا والآخر بروح إيجابية مفعمة بالحب وهناك من يرى الدنيا والآخر بروح سلبية مليئة بالكره والحقد والحسد.
هناك من يرى عيوبك ولكنه يركز على ايجابياتك وآخر يرى ايجابياتك ولكنه يركز على عيوبك وبالطبع كل يرى الناس بعين طبعه أو كما نقول كل إناء بما فيه ينضح. إن انتقدك الآخر أو سلط لسانه أو قلمه ضدك فهذا لا يعني إلا أنه يشقى ويبكي غيرة منك وانه بطريقة الاختبارات النفسية الاسقاطية يسقط عليك ذلك العبء النفسي المدفون في ثنايا نفسه المريضة ..

إن الإنسان الضعيف غير الواثق من نفسه الذي تمتلئ روحه بالحقد والحسد وتهتز نفسه بين يديه ويضيق عقله عن التفكير المتزن هو ذلك الذي يحمل قلباً مريضاً ولا يجد في ذاته ايجابيات تعطيه نوعاً من الوجود المشروع، هو ذلك الذي تمتلئ ذاته بالسلبيات يضيق هو بها وبالتالي لا يجد وسيلة للتخفيف منها سوى إسقاطها على الآخرين في محاولة بائسة يائسة ليرتاح مما تحمله ذاته من تفاهات فكرية وأعباء نفسية مؤلمة تلك بالضبط حال من يشعر بالنقص والأسى وتدن في معرفة الذالت وبالتالي لا سبيل له سوى النيل والهجوم على الآخر.

كثيراً ما أشفق على هذا الإنسان المخدوع المغلوب على أمره وأرى أنه مسكين ظلمته قدراته العقلية على الفهم وبالتالي نسب ضعفه العقلي للآخر يهاجم ويحاول أن يطعن وبقوة ولكن الشجرة المثمرة لا تحركها رياح عابرة وحصى صغيرة تصدر من قاصر على الفهم والإدراك.

مثل هؤلاء لا سبيل لهم للبروز والارتقاء إلا محاولة النيل ممن هم أحسن منهم بدرجات. إنهم كالحشرة التي تتسلق سيقان شجرة قوية صامدة شامخة لا يزعجها نعيق وثرثرة التافهين الذين يحلمون بالوصول ولكن تربطهم عقولهم الضعيفة وقلوبهم المريضة بالحضيض في مستنقع من الحقد والغيرة حفروه بأنفسهم وغرقوا فيه وبالتالي يحاولون الخروج منه بمحاولات يائسة على حساب الآخر.

كثيراً ما أفكر في أمر هذا الإنسان المخدوع المظلوم بضباب يعمي بصيرته وغيوم تجثم على قلبه فتحرمه نعمة الرؤية والفهم وتجعله يخرج بسلاح من الهدم بدلاً من البناء. أحزن عليه لأنه لا يعلم في أي فلك والى أي هدف يسعى كل ما يعرفه أن عليه فقط تغطية مشاعر النقص التي يشعر بها وذلك بهز غصون شجر مثمر لعله يحظى بشيء يخفف عنه حدة معاناته وشقائه.

وأخيراً صدق فولتير حيث قال:

النجاح خطيئة يرتكبها المرء بحسن نية ومع ذلك لا يغفرها له الآخرون.