استطاعت موزة ان تتأقلم طيلة سنوات عمرها مع وضعها الخاص جدا، لأنها تعد من القلائل الذين يصابون بما يسمى الضمور الكلي بعضلات الجسم، والذي أصاب اثنين من اشقائها أحدهما توفي والأخرى ما زالت على قيد الحياة .فمنذ بلوغها سن السادسة من عمرها، تجلس على كرسي متحرك ولكنه لم يمنعها عن الاندماج والتعايش مع الآخرين، حيث عملت لفترة طويلة في مدينة الشارقة للخدمات الانسانية على “البدالة” الأمر الذي لم يكن يتطلب منها سوى تحريك يديها، العضوين الوحيدين اللذين يتحركان في جسدها، ومن ثم انتقلت الى دبي لتعمل بنفس المهام في هيئة الجمارك، وحصلت في هذه الفترة على جائزة الموظف المتميز، مما كان له الأثر الكبير في نفسها.
تأقلم مع الواقع: موزة لديها ايمان كبير بالله عز وجل فلم تفقده يوما حتى في أحلك الظروف التي مرت بها بل زادتها ايمانا وقوة.
لذا لم تكن تخجل يوما بالحالة الخاصة التي تعاني منها بل تأقلمت مع الواقع وتابعت حياتها بحلوها ومرها، ولم تمانع في اجراء اللقاءات الصحافية التي تحكي كفاحها واستمرارها وامنياتها وأحلامها التي أصبحت اليوم حقيقة جميلة لا تستطيع أن تبعد نظرها عنها، ثم جاءت (حواء) طفلة موزة بعد مرور اقل من عامين على زواجها، رغم أن معظم الأطباء نصحوها بإجهاض الجنين الذي قد يؤدي الى وفاتها بسبب صحتها وحالتها، خاصة وأنها لا تستطيع التنفس الا بجهاز لا يفارقها مطلقا وهو عبارة عن انبوب طويل موصول بجهاز أوكسيجين، حيث تخوف الاطباء من أن ازدياد حجم البطن مع أشهر الحمل يؤدي الى عدم قدرتها على التنفس، اضافة الى حمل الوليد نفس مشكلة أمه.
“حواء” بدأت تتحرك: ولكن ايمانها بالله كان كبيرا خاصة بعدما بدأت (حواء) تتحرك في احشائها ورفضت وزوجها فكرة الاجهاض، رغم خوف الزوج على حياة موزة.
تقول موزة عندما زرناها في منزلها والذي تقطنه بالايجار في امارة عجمان: راجعت اكثر من عشرة اطباء وفي كل زيارة كان كل واحد منهم يتهرب من حالتي متعللا بالقول إنها ليست من اختصاصي وتم تحويلي ما بين طبيب تنفس وقلب ونسائية ورئة اضافة الى اخصائي جينات أو أمراض وراثية في اول زيارة لي لدى احدى الطبيبات العربيات اللاتي أصابتني بالاحباط وهي تنظر الي بازدراء معلقة بالقول: انت لا تستطيعين حتى خدمة نفسك فكيف ستهتمين بالطفل، واستفاضت مكملة: عندما تراجعني حالة تعاني من مرض القلب لأجل الحفاظ على صحتها انصحها بالاجهاض، فكيف سنتعامل معك. وبعدها بدأت سلسلة الفحوصات التي لم تكن تنتهي وتبين من فحص سائل المشيمة بأن الجنين لا يحمل نفس كروموزومات الأم، وان وضع وحجم (حواء) سليم كما ان حالة القلب سليمة وكذلك الرئتان.
الاولى من نوعها: وبالرغم من هذه التطمينات الا أن أحدا من الاطباء قبل بالإشراف على حالتها ومتابعتها الى حين ولادتها والكل أجمع على ضرورة سفرها الى الخارج اذا ما بقيت مصممة على استمرار الحمل، ووصفت بأنها الحالة الأولى من نوعها التي يرجعها الأطباء.
ولم يكن أمام موزة الا البدء بتجهيزات السفر الى امريكا وهنا بدأ نوع آخر من المعاناة، وهو الاجراءات الشكلية للحصول على الموافقة، وسافرت موزة بطائرة خاصة الى أمريكا وما زال الأمل يراودها بأن تنجب ابنتها بسلامة ولكن الأمر الذي كان يقض مضجعها هو أن احدى الطبيبات بعد فحصها قالت: اذا كتب لك أن تنجبي بسلام فادعي ربك بأن يكون المولود ذكراً لأن الفتاة معرضة أكثر للاصابة بنفس حالة الأم.
22 ساعة طيران: 22 ساعة طيران امضتها موزة في الطائرة الخاصة مع حالتين مختلفتين توجهوا جميعا الى امريكا وكان معها طبيب وممرضتان وخادمتها وشقيقها ودخلت موزة الى مشفى تابع “لمايور كلينك” ويدعى “سانت ماري” وكانت يومها بالشهر الخامس وبقيت الى أن ولدت بتارخ 26/6/2006. وعن الوضع المختلف في الغرب قالت موزة يكفي أن الطبيب عندما يدخل الى الغرفة يستقبلك بوجه بشوش ويسمعك كلمات تقوي من العزيمة فأحدهم وهو بالمناسبة يحرص على مراسلتي وتذكيري بمواعيد التطعيمات لطفلتي الى هذا اليوم قال لي عندما شاهدني انك امرأة قوية قادرة على التحدي والصمود بالرغم من كل المعوقات، لم اشاهد في عمري امرأة بمثل هذا العزم. أما تقريرهم الطبي فأقر بأني أول حالة من نوعها في العالم. وتذكر موزة يوم الوداع كيف أقام الأطباء والممرضات حفلة لها ولطفلتها التي ولدت بعملية قيصرية قررها الأطباء لتفادي أي أمر قد يحدث، وكيف ودعوها آملين لها ولابنتها دوام الصحة.
العودة: وكان في استقبالها لدى عودتها زوجها الذي يعمل في شرطة دبي ومنعه دوامه من مرافقتها، ولزوج موزة قصة طريفة معها ايضا، وترجع الى ما قبل ارتباطهما ببعضهما، فبعدما شاهد أحمد حديثا لها في احدى الاصدارات المحلية وقرأ كلامها أعجب كثيرا بشخصيتها واتصل بها طالبا الزواج منها فطلبت مهلة للتفكير ولكن العقبة جاءت من الأهل الذي رفضوا هذا الزواج، ولكن موزة وأحمد صمما على اقناعهما بالقبول فكان لهما ما اراداه بعد مرور عام من المحاولات.
واليوم تعيش موزة مع زوجها وابنتها (حواء) وثلاث خادمات، تقطن في بيت لا يتمتع بالمواصفات التي تناسب ذوي الاحتياجات الخاصة وبالتالي لا تستطيع موزة أن تغير به شيئاً ليتلاءم مع تحركاتها لسبب وجيه وهو انه ليس ملكا لها بل ايجار.
مواقع النشر (المفضلة)