الإقالة هي طلب فسخ العقد لشيء طارئ، فلو اشترى الرجل سيارة أو باعها، ثم أراد الرجوع في العقد، فهنا تسمى الإقالة، وقد حث الشرع على قبولها، وتعريفها لغة في القاموس، قِلتَه البيع (بالكسر)، وأقلته فسخته، واستقاله: طلب إليه أن يقيله، وفي المصباح: أقال الله عثرته إذا رفعه من سقوطه، ومنه الإقالة في البيع لأنها رفع العقد، وقاله قيلا من باب باع لغة، واستقاله البيع فأقاله.
وأما معناها شرعا كما جاء في البحر الرائق فهي رفع العقد، وهو تعريف للأعم من إقالة البيع، والإجارة، ونحوهما، وإن أردت خصوصها فقل رفع عقد البيع، وأما الطلاق فهو رفع قيد النكاح لا رفع النكاح.
وأما ركنها فالإيجاب والقبول الدالان عليها بلفظين ماضيين أو أحدهما مستقبلا، والآخر ماضيا كأقلني فقال أقلتك عند أبي حنيفة وأبي يوسف كالنكاح، وقال محمد لا تنعقد إلا بماضيين كالبيع، وقد يكون القبول بالفعل، وتنعقد بفاسختك، وتركت تاركتك، ودفعت.
وأما شرائط صحتها فمنها رضا المتعاقدين، ولا يشترط لصحتها بقاء المتعاقدين، فتصح إقالة الوارث والوصي، ومنها اتحاد المجلس.
صفتها
أما صفتها فهي مندوب إليها للحديث “من أقال نادما بيعته أقال الله عثرته يوم القيامة” وتكون واجبة إذا كان عقدا مكروها، وينبغي أن تكون واجبة إذا كان البائع غارا غاشا للمشتري، وكان الغبن يسيرا، وإنما قيدنا باليسير لأن الغبن الفاحش يوجب الرد إن غره البائع على الصحيح.
جاء في الموسوعة: دل الحديث على مشروعية الإقالة، وعلى أنها مندوب إليها، لوعد المقيلين بالثواب يوم القيامة، وأما كون المقال مسلما فليس بشرط، وإنما ذكره لكونه حكما أغلبيا، وإلا فثواب الإقالة ثابت في إقالة غير المسلم، وقد ورد بلفظ: “من أقال نادما..”.
وتكون الإقالة واجبة إذا كانت بعد عقد مكروه أو بيع فاسد، لأنه إذا وقع البيع فاسدا أو مكروها وجب على كل من المتعاقدين الرجوع إلى ما كان له من رأس المال صونا لهما عن المحظور، لأن رفع المعصية واجب بقدر الإمكان، ويكون ذلك بالإقالة أو بالفسخ، كما ينبغي أن تكون الإقالة واجبة إذا كان البائع غارا للمشتري وكان الغبن يسيرا، وإنما قيد الغبن باليسير هنا، لأن الغبن الفاحش يوجب الرد إن غره البائع على الصحيح.
وأما من يملكها ومن لا يملكها، فقالوا من ملك البيع ملك إقالته فصحت إقالة الموكل ما باعه وكيله، وإقالة الوكيل بالبيع.
وإذا اعتبرنا الإقالة فسخا، فإنها لا تبطل بالشروط الفاسدة، بل تكون هذه الشروط لغوا، وتصح الإقالة، ففي الإقالة في البيع، إذا شرط أكثر مما دفع، فالإقالة على الثمن الأول، لتعذر الفسخ على الزيادة، ويبطل الشرط لأنه يشبه الربا.
مواقع النشر (المفضلة)