{ومن آياته خلق السموات والأرض وما بث فيهما من دابة وهو على جمعهم إذا يشاء قدير}
في العام الميلادي المنصرم (2006) اكتشف العلماء 24كوكبا إضافيا في مجرات الكون البعيدة. وبهذا العدد يرتفع عدد الكواكب التي نعرفها (منذ عام 2000فقط) الى 65كوكبا خارج مجموعتنا الشمسية المعروفة..
وتعد السنة الأخيرة 2006صاحبة الرقم القياسي في عدد الكواكب المكتشفة - التي يعد بعضها غريبا أو ضخما أو غير متوقع على الإطلاق.. ففي شهر يناير مثلا اكتشف العلماء كوكبا أكبر من الأرض بست مرات ويبعد عنا بمسافة 21ألف سنة ضوئية (أطلق عليه أسم OGLE) .. وفي شهر سبتمبر الماضي اكتُشف كوكب أضخم من المشتري بمرة ونصف ويبعد عن الأرض بمسافة 24ألف سنة ضوئية ويعد بمثابة "قطرة ماء" هائلة تسبح في الفضاء (أطلق عليه HAT-P) . وفي شهر أكتوبر الماضي اكتشف العلماء أسرع كوكب معروف للبشر (أطلق عليه SWEEPS) تبلغ "السنة" فوقه عشر ساعات فقط يتطلبها دورانه حول النجمة الأم...
ما يدهشني بحق أنه حتى سنوات قليلة مضت كان الحديث عن وجود "كواكب بعيدة" يعتمد على التخمين والترجيح والاستنتاج - وليس على الرصد أو توفر حقائق فلكية مؤكدة.. فمعهد بوستدام مثلا (المتخصص في علوم الفلك في برلين) افترض عام 1996وجود 10آلاف كوكب تتضمن حياة راقية تشبة الأرض؛ وقد خرج بهذه النتيجة اعتمادا على عدد المجرات المعروفة في الكون ومتوسط النجوم التي تتضمنها (.. وهذا بعد تجاهل الكواكب الغازية والتركيز على المدارات الدافئة للنجوم حيث يمكن لحياة مثل الأرض أن تظهر)!!
... ورغم هذا لم يتجرأ أحد (حتى عام 2000) على الجزم بوجود أي كوكب خارج مجموعتنا الشمسية ناهيك عن وجود كواكب تشبة الأرض.. ولكن في السبع سنوات الماضية تم التأكد من وجود أكثر من 60كوكبا بعضها صخري ودافئ يشبه الأرض فعلا. وتعود هذه الطفرة إلى ابتكار معادلات جديدة تنبئ بوجود هذه الكواكب - بدل رصدها أو محاولة رؤيتها بالتيليسكوب..
فالكواكب بطبيعتها "مظلمة" وصغيرة مقارنة بالنجوم المرئية التي تدور حولها.. ومحاولة رصد أي كوكب - خارج نطاق مجموعتنا الشمسية - يشبة محاولة رؤية حبة فلفل سوداء في صحراء كبيرة مظلمة!!
غير أن العلماء نجحوا قبل بضع سنوات - ليس في رؤية الكواكب نفسها - بل في تحديد موقعها من خلال مراقبة مدارات النجوم المرئية ورصد أي شذوذ تسببه حولها. فكما تجذب النجوم الكواكب؛ تجذب الكواكب النجوم وتجبرها على اتخاذ انحناءات مدارية معينة (تعد بمثابة بصمة تميز كل نجمة).
وبرصد هذه الظاهرة اكتشف العلماء أكثر من أربعين كوكبا خلال السنوات الأربع الماضية فقط - وهو مايعد طفرة حقيقية في هذا المجال.. أضف لهذا اكتشفوا 85نظاما نجميا يحتمل امتلاكها لكواكب صخرية قد يملك بعضها حضارة متقدمة (أما أقرب نجمة إلينا تملك كوكبا بحجم أرضنا فهي النجمة فيجا Vega التى تبعد عنا حوالي 25سنة ضوئية فقط)!
... الأجمل من هذه الاكتشافات؛ انتقال علم الفلك برمته من مرحلة "الترجيح" الى مرحلة "التأكد" من وجود كواكب حقيقة خارج مجموعتنا الشمسية.. وبفضل هذه الاكتشافات يُعتقد حاليا أن هناك نجمة من بين كل عشرين تملك حولها كواكب يساوي بعضها الأرض في حجمه وقطره وبعده عن الشمس..
وأرى شخصيا أن السير بهذا المعدل سينتهي باكتشاف كوكب حي يشبه الأرض بين عامي 2013و 2033على أبعد تقدير - فسبحان القائل في محكم التنزيل {ومن آياته خلق السموات والأرض وما بث فيهما من دابة وهو على جمعهم إذا يشاء قدير}.
منقووووووووووووووووووووول
مواقع النشر (المفضلة)