من كان يتخيّل أن معظم الروايات الحديثة كانت قد انطلقت ونشرت أولاً من خلال الشبكة الإلكترونية (الإنترنت)؟ وأن الأدباء الجُدد من الجيل الحديث لا يحدّ إبداعهم سقفٌ سوى سماء الشبكة؟.. شعراء وكُتّاب ومفكّرون ونقاد.. جميعهم أخذوا من الشبكة العنكبوتية مكاناً ومأوىً لهم. ليتجلّى في هذا المكان إبداعهم الأدبي والفكري وطُرق النقد الخلاّقة التي يتخذون منها سبيلاً لتحليل نصوص بعضهم البعض. هؤلاء حوّلوا الإنترنت إلى عالم خاص شهيّ ومشبع بنكهة الثقافة اللذيذة،وهم ينظرون لكل دور النشر الموجودة نظرة ازدراء ولسان حالهم يقول: (لسنا بحاجة لكم لنشر ما خطته أقلامنا!).
لو أتينا لأسباب اتجّاه جيل الشباب من أصحاب الموهبة إلى الإنترنت لوجدنا أنها مختلفة، ورغم الاختلاف يبقى هذا المكان هو السبيل الوحيد المتاح أمامهم. فعلى أول درجة بالسلّم، يتّخذ الكثير من هذا العالم الوهمي ستاراً لهم، فينشرون وينثرون دون خوف.. فلا حاجة لبطاقة هويّة هنا، أو اسم ثلاثي، جلّ ما هو مطلوب اسمٌ مستعار، يتخفّى وراءه من لا يريد لشخصه صلة بما يكتبه، وليبعد نفسه عن الشكوك والتساؤلات التي تُثار عادةً مع كل قصيدة تُنشر أو رواية تكتب.. هل هي حقيقية؟ وهل عاش الكاتب هذه الأحداث؟دون أن ننسى طبعاً بأنه ليس للرقابة سلطة هنا كتلك الموجودة في عالم النشر الورقي. وعلى درجة أخرى، نجد أولئك الذين لجأوا إلى الإنترنت لسبب آخر يتمثل في أن هذا المكان هو الوحيد الذي مدّ ذراعيه لهم ورحّب بهم دون أن يرهقهم بأيّ شروط أو قيود كتلك التي تضعها أمامهم دور النشر المختلفة والتي أرهقتهم بطلباتها التعجيزية وأسعارها المرتفعة.

بالتأكيد، الشبكة العنكبوتية ليست المكان الأفضل ولا الأمثل لكي يكون وعاءً للأدب الحديث. لكن كما يُقال عادةً.. شيءٌ أفضل من لا شيء. فنحن لا نريد قمع شبابنا وشابّاتنا، خاصةً من يملكون هذه المواهب. ولذلك شكراً لهذه الشبكة التي عرّفتنا على إبداعات أُدبائنا الصغار..