كنا ثلة نلتئم على أحاديث سمر ما بعد مائدة عشاء. كانت مواضيع الحديث متفرقة متنوعة، فمن الدين، إلى السياسة، مروراً على التداخل والتباين بينهما، إلى الإعلام، إلى السلوك.
عرجنا على سلوكنا كسعوديين، وقلت للجمع الذي ضم وزراء سابقين وأعضاء في مجلس الشورى، وكتّاباً، وصحافيين، ومثقفين، ورجال أعمال، ليس منا إلا وهو ابن لأبوين أحدهما أو كلاهما حي يرزق، وفي الغالب لنا أبناء من الجنسين، فكم مرة قال أحدنا لأمه أو لأبيه في الأسبوع أو الشهر أو العام أو العمر كله إنه يحبه، وكم مرة سمع هذه الكلمة من أبنائه؟!

كلنا يحب والديه، وكلنا يحبنا ابناؤنا، فلماذا لا نتحدث عن هذه المحبة، فالحديث عن الأشياء الجميلة يجعلنا نحس بها أكثر، ونتلمسها بحنو يزيد جماليات الحياة في أعيننا، ويوقفنا على فيض مشاعرنا، وما أكثر ما نحتاج إلى هكذا عاطفة.

كل الآباء والأمهات يحبون أبناءهم والعكس كذلك، فماذا يمنعنا من أن نتحدث عملياً عن هذه العاطفة التي نحبس في دواخلنا الحديث عنها؟!

أعرف رجلاً مهيباً محترماً في مجتمعه توفيت زوجته قبل اثني عشر عاماً، فبكى على قبرها بكاء الأطفال حتى خضّب لحيته البيضاء بدموعه وكأن دموعه بقايا آثار وجه مغسول بماء لا بدمع، وكان يدعو لها وهو العابد ذو السبعين عاماً: اللهم ارض عنها فإني عنها راضٍ، لكن القريبين منه كانوا يعلمون أنه عاش معها نحواً من خمسين عاماً، ولم يسمعوه يقول لها يوماً كلمة رقيقة في حضورهم، والله أعلم بما يتم في غيابهم!

أحسب أن جزءاً من ألمه على فراق شريكة حياته، بالإضافة إلى حسن عشرتها، أنه لم يكن يعبر لها عن محبته.

ربما كان يمنعه من ذلك أن يقال: واخزياه، كيف يقول كلاماً رقيقاً لزوجته أمام أبنائها أو أحفادها!

اغتنموا فرصة حياة من تحبون من آباء وأمهات وابناء وأصدقاء وأقارب، وقولوا لهم إنكم تحبونهم، وستجدون أن علاقاتكم معهم تتغير بشكل كبير، في دواخلكم أولاً، ثم في الأثر الإيجابي الذي تغمرونهم به ثانياً، ثم في جعل الحياة ذات أثر جميل، ومشاعر جياشة..

طابت لكم الحياة.


منقووووووووووووول للمبدع تركي الدخيل