قد يصل مدي حب الناس لشخص ما الي درجة تجعل ذلك الحب كابوساً مزعجاً يسبب الذعر لصاحبه، فجميعنا نتمني لو ان نحظي بالحب والإعجاب من قبل كل من حولنا، لكن ماذا لو تسبب هذا الحب في اختناقنا اذا وصل الي حد الجنون والهوس؟!
إن من بديهيات الحياة منذ أن خلقنا الله أن جعل الرجل هو الذي يحاول التودد الي المرأة وكسب رضاها.. بل والركض وراءها ايضا، فالمرأة بفطرتها وطبيعة تكوينها تبدو أكثر دلالا واعتزازاً بالنفس، لكن علاقة الفنان بمعجباته قلبت كل الموازين الفطرية الطبيعية، فلم يعد من البديهي ان يركض الرجل وراء المرأة سعيا للحصول علي ابتسامة رضا منها، فما يحدث الآن هو العكس، وقد بدا هذا جليا من خلال الموقف المحرج والطريف ايضا الذي تعرض له الفنان العراقي كاظم الساهر وتناقلته بعض وسائل الإعلام أثناء مشاركته في الليلة الثالثة من مهرجان الدوحة الغنائي الثامن، فبعد ان انتهي الساهر من وصلته الغنائية وخرج من المسرح متوجها الي غرفته بالفندق فوجيء بمجموعة من الفتيات يلحقن به وهن ينادينه كاظم.. كاظم ، فأسرع كاظم الخطي ولكنه فوجيء بهن قريبات منه أكثر وأكثر سرعة من خطواته، فأحطن به وأمسكنه، لكن العناية الإلهية وحدها هي التي أنقذت كاظم من أيديهن بعد تدخل بعض اعضاء اللجنة المنظمة للمهرجان، لكن محاولات الفتيات لاختراق الحواجز البشرية التي أحاطت بكاظم ظلت مستمرة وهن يهتفن باسم مطربهن المحبوب!.
التساؤل الذي يطرح دائما علي ذهني هو: من المسؤول عن خلق علاقة بمثل هذا الشكل العجيب الطريف بين الفنان ومعجباته؟!، قد يكون السبب هو الفنان نفسه الذي يضع حاجزا بينه وبين جمهوره، فيصبح الممنوع مرغوباً، ليحاول الجمهور اختراق هذا الحاجز بل وهدمه ايضا، ليؤكد للفنان انه فوق كل الحواجز والحدود.
اذن قد تكون محاولة الوصول الي الفنان سواء بشكل عنيف أو طريف ليس بدافع الحب، ولكن بدافع العناد الذي يثير رغبة الجمهور في الانتصار علي رغبات الفنان وتسلق حصونه لاختراقها.
وما يؤيد تصوري لهذه العلاقة النفسية الشائكة بين الفنان ومعجباته علي وجه الخصوص ان الفنان الجميل هاني شاكر كان أحد ضيوف مهرجان الدوحة السادس للأغنية الذي أقيم منذ عامين، وهذا الفنان الرائع لا نختلف أبداً علي أنه يحظي بشعبية كبيرة لدي الجماهير، ورغم ذلك كنت أراه أثناء المهرجان السادس يتجول بين أروقة الفندق منفردا دون الاستعانة بحصون بشرية، وربما هذا ما دفع جمهوره للتعامل معه بلطف وليس بعنف، وعدم اصدار أي تصرفات حمقاء مثل تلك التي تصدر من بعض معجبات الساهر سواء علي المسرح أو خلف الكواليس، لأن الجمهور مدرك تماما ان اقترابه من الفنان غير المحصن لن يجد رد فعل عنيف قد يأتيه من حاشية الفنان التي تحيط به، فالحواجز والحصون هي التي تحفز الجمهور لمباغتة الفنان بعنف من أجل الوصول الي عالمه، لذلك فان التعامل مع هاني شاكر يتسم دائما بأجواء هادئة، وحتي وان وجد معه مرافقون.
عموما أعان الله معجبات كاظم الساهر علي تسلق حصونه المنيعة، وأعان الساهر ايضا علي جمهوره المجنون، فمن الحب حقاً ما جنن!