أفضل شيء خلقه الله.. “وعزتي وجلالي ما خلقت شيئا أفضل منك يا عقل”.

دليل التائه ومرشد الحائر ومؤنس الغريب وغنى الفقير وسلوة الحزين ودليل الفلاح وأمارة النجاح.

والعقل مخلوق عجيب ونبأ غريب، آية على عظمة الخالق وشاهد على إبداع الواحد، كم ترى من اشياء أبدعتها العقول؟

والعقل كلمة جميلة ولفظة رائعة واسم محبب فلا أعظم ولا أجمل من ان يقال: فلان عاقل أو فلانة عاقلة، فهو وصف يدعو الى الإجلال ويحث على الاكبار ويزرع المهابة ويورث الاحترام، فالمرء بعقله أعظم من صاحب الملك بملكه، وما تم دين احد حتى يتم عقله والعقل بلا دين حسرة وهلاك والمتدين من غير عقل يسيء الى نفسه ويسيء الى الناس، والحسن البصري إذا أخبر عن رجل بصلاح سأل: كيف عقله؟

وللعاقل خصال يعرف بها: يحلم عمن ظلمه، ويتواضع لمن هو مثله، ويسابق بالبر من هو فوقه، وإذا رأى فرصة انتهزها، يتدبر ثم يتكلم، وان عرضت عليه فتنة اعتصم بالله ثم تنكبها.

والعاقل لا يقدم اللذة العاجلة والمتعة الزائلة على الحياة الدائمة والنعيم المقيم، والعاقل يعلم ان الحياة الدنيا دار ممر وليست دار مقر، ولا يبالي بما فاته من حطام الدنيا مع ما رزق من الحظ في العقل، ويأخذ العبرة من الأمم السابقة والقرون الغابرة، وهو الذي يتأمل في ملكوت السموات والأرض وهو من لا يتبع هواه.

ركب الله الملائكة من عقل بلا شهوة، وركب البهائم من شهوة بلا عقل، وركب ابن آدم من كليهما. فمن غلب عقله على شهوته فهو خير من الملائكة، ومن غلبت شهوته على عقله فهو شر من البهائم.

والعاقل من لا يقدم عقله على النقل، فالحمد لله أن منّ علينا بنعمة العقل، وصلى الله على البشير النذير سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم الطيبين الطاهرين الذين عرفوا قيمة العقل وعلموا بأنه أفضل مواهب الله لعباده ومن أعظم نعم الخالق على خلقه، وأمتع منن العظيم على البشرية، به يكمل الدين وتتم النعمة وتعظم المنحة، وتكمل به الاخلاق وتزكو به الآداب وتحلو به الحياة.

اللهم إنا نسألك ان تطهر ألسنتنا من الكذب وأعيننا من الخيانة، اللهم متعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوانا أبداً ما أحييتنا واجعل ثأرنا على من ظلمنا ولا تجعل مصيبتنا في ديننا.