لا يمكن أن ترى الجمال من حولك، ما لم يكن هذا الجمال موجوداً أصلاً في داخلك، والتباين بين الناس في رغباتهم وأفعالهم وما يظهر من صفاتهم - وإن كان للظروف والمؤثرات الأخرى تأثير مباشر عليها - إنما يرد إلى الاختلاف والتباين الحاصل في مقدار الجمال الذي تحتويه أرواحهم، ولا أبالغ إن زعمت أن الجمال أصل كل الصفات المحمودة، فعلى مقداره في روح كل إنسان تتشكّل صفاته الظاهرة، فالمتسامح مثلاً، يرى جمال التسامح من منظور ما يشعر به في روحه من جمال، فيمارس التسامح بتلقائية وعفوية لتجاذب الجمال إلى بعضه، والموصوف بصفات غير محمودة، إنما يمارس بتلقائية وعفوية أيضاً ما غاب عن روحه وافتقدته من جمال، فلا يرى ما يحفزه للتخلي والبعد عن هذه الصفات المذمومة.

وهكذا تأتي الأمور وتقاس، فكل جميل روح سيرى الجمال في كل موجودات الحياة، فيغلب على سلوكه العام التفاؤل واللين وإظهار التقدير والتفهّم لكل ما يقابله من سلوك الناس ومواقفهم وإن صغرت، وسيتكامل ويندمج أكثر مع محيط بيئته فيرى جمال الشجر والجماد وغيرها، وكل من افتقد جمال الروح لا يرى هذا الجمال في موجودات حياته، فيميل دائماً للنظر للسلبيات دون غيرها حتى يغلبه التشاؤم وغلظة السلوك، وحدّة التعامل مع موجودات بيئته، فلا يسلم من أذاه لا إنسان ولا طير ولا شجر.. والله المستعان.