السعوديون يستغلون برودة الجو لكسر رتابة الشماغ الأحمر والأبيض



«زبد الخال، الشال، الكشميري، والشاتوش».. بعض مسميات الأشمغة الشتوية، التي تعد أحد مظاهر فصل الشتاء، التي يحاول بها السعوديون كسر أحادية اللون الأبيض أو الأحمر اللذين يغطيان رؤوسهم طوال العام، بالاعتماد على التراث «الذي يحمل دائما حلا مناسبا» بحسب قول المصمم السعودي سراج سند.
ويبسط سند المتخصص في تصميم أزياء الرجل، التقليدية بشكل خاص، فكرة الشال، بقوله «يكمن اختلاف الشال الصوفي عن الشماغ أو الغترة التي يستخدمها الرجل طوال العام بكونه يصنع من الصوف الثقيل، وهو أكبر حجما من الغترة العادية البيضاء، حيث يبلغ حجمه 60 سم، وتطرز أطرافه وزواياه بنقوشات هندسية أو زهور فنية مميزة وهذه الزخرفة تكون غالبا مضافة بالإبرة بأحجام كبيرة نسبياً يكثر فيها استعمال الأحمر والأزرق والأخضر والبرتقالي والبني، في حين تكون الأرضية دائماً بإحدى درجات اللون البني». الذائقة اللونية للابسي الشال تختلف من منطقة لأخرى بحسب ما يوضح سند، ففي المناطق الشمالية والشرقية، يفضل الرجال عادة الألوان الغامقة، ويعزو سند ذلك إلى احتياجهم للدفء في وجه برودة الشتاء في هذه المناطق. يقول «تفضل المناطق الشمالية والشرقية الغامق، أما المناطق الأخرى فتميل إلى الألوان الفاتحة، والسر في هذا التفضيل يرجع إلى اختلاف الأجواء ودرجات البرودة والنمط الفكري». المفارقة اللطيفة، أن الشال/ الشماغ، الذي لا يلبسه غير الخليجيين وبعض العرب، كان إلى زمن قريب تصنع أجود أنواعه في المصانع الأوروبية التي تجلب بدورها الأقمشة المستخدمة من منطقة كشمير، إلا أن مصانع خليجية، خاصة في كل من عُمان واليمن والسعودية، باتت تنافس المصانع الأوروبية في صناعة سلعة الخليجيين الأكثر خصوصية.

وبالرغم من التطور الذي مر به الشال، بحكم التقدم التقني في صناعة النسيج، وبحكم متطلبات الحياة العصرية ورغم موجة العولمة، فهو لا يزال شامخا على الرؤوس. يقول محمد صادات، من مصنع (دسار)، وهو أحد المصانع المختصة بتصنيع الأشمغة في السعودية «يزداد الطلب على شراء الشماغ شتاءً، لحاجة المستهلك إلى المزيد من الدفء، الذي توفره الأشمغة ذات النسيج الثقيل أكثر من تلك التي يستخدمها طوال العام»، ويقسم صادات شال الشتاء إلى قسمين: الأول خيوطه صوفية، والثاني خيوطه قطنية ثقيلة، ويضيف صادات «الشال يمر بعدة مراحل تصنيعية وتجهيزية، أهمها مرحلة اختيار الخامات الطبيعية المناسبة، ثم مزجها وغزلها للحصول على خيوط راقية، تليها مرحلة إعدادات النسيج، ثم مرحلة النسيج وهي الأصعب، حيث يتم التعامل معه بدقة عالية لإعطائه الشكل النهائي».

وعلى الرغم من أن الشال له جذوره في الجزيرة العربية والمتمثلة بلبسه للوقاية من برد الشتاء الصحراوي القاسي، إلا أنه أصبح أمراً نادراً في السنين الماضية ويقتصر على المتقدمين في السن أو ممن تجاوزوا العقد الثالث من العمر، لكن الأمر تغير أخيراً، وبدأ الإقبال عليه أيضا من قبل فئات واسعة من الشباب، بحسب عبد الحافظ عبد الواسع البائع، بأحد محلات الأشمغة، الذي يؤكد زيادة الإقبال عليها ويقدرها بنسبة 40 بالمائة لهذا العام مقارنة بالأعوام السابقة. وفي ما يتعلق بأسعار الشالات، فهي «تتحدد بحسب نقاء الصوف وتمشيطه»، كما يذكر عبد الواسع، الذي يؤكد بأن أغلاها وأفخرها على الإطلاق الشال «الشاتوش»، الذي يتكون من خليط من صوف «الشاتوش» الغالي وصوف «الترمة» المأخوذ من ذكر الماعز، وهو معروف عالمياً بالجودة والنعومة، ويصل ثمنه لحد 12 ألف ريال سعودي وأكثر ـ في بعض الحالات ـ يليه الكشميري الفاخر الذي تبدأ أسعاره من 3000 آلاف ريال، ثم الكشميري المخلوط، وهو الأكثر شيوعاً وشعبية، الذي رغم أنه أقل جودة إلا أن سعره الذي يبلغ 1500 ريال، يجعله في متناول شرائح أكبر. وتحتاج كافة الأنواع الغالية الثمن إلى عناية خاصة وأسلوب معين في الغسيل والكي مما يجعل اقتناءها محصوراً على فئات معينة.

في المقابل هناك أنواع رديئة ومقلدة ومقتبسة من تصميمات مشهورة، تنتجها عادة بعض الدول الشرق آسيوية، ويطلق عليها اسم «شماغ اللبسة الواحدة»، وتصنع من الخيوط القطنية الثقيلة أو الخيوط المحضرة من مشتقات البترول، لتعطي انطباعاً بأن الشماغ مصنوع من خيوط صوفية، وتتراوح أسعارها ما بين 50 ريالا إلى 80 ريالا.

وعلى الرغم من أن الشالات الشتائية أكثر انفتاحاً على الألوان من تلك التي يستخدمها الرجال طوال العام، إلا أن التطوير وإضافة مضامين جديدة لها شغلت بال الكثير من المصممين الخليجيين، ومن بينهم المصمم يحيى البشري الذي أدخل عليه النقوش والزخرفة الإسلامية، ووصل به التحديث إلى حد إدخال ألوان أكثر قوة وجرأة مستلهماً إياها من عمامات الرأس العمانية واليمانية.