الحب والكره
الحب والكره طبيعتان من طباع البشر .. وحولهما يدور سلوكه .. وفيهما تنمو شخصيته وتتبلور وتتضح .. ومن خلالهما يحدد الانسان الجماعات التى يرغب فيها .. فينتمى إليها .. والأخرى التى يرغب عنها .. فيقطع صلته بها .. وللحب والكره عوامل توجدهما .. ومن هذه العوامل ماهى ذاتية تعود الى أصل التربية التى نشئ عليها الانسان منذ ولادته .. ومنها ماهى ذاتية تعود الى أصل التربية التى نشئ عليها الانسان منذ ولادته .. ومنها ماهى مرتبطة بصور تعامل الناس معه. فمن يشئ على كره الناس .. يظل كارها لهم .. حتى تعترض حياته تجربة قوية تغير من تفكيره تجاههم .. وكذلك من ينشئ على حب الناس له يظل محبا لهم حتى تعترض تفكيره أيضا تجربة قوية تغير حبه لهم .. إما بالقوة أو القسر فلا يمكن استبدال هذا بذاك .. كذلك من أهم العوامل التى توجد الحب أوالكره فى طبيعة الأنسان ..هى التى تلحق بذاته منذ صغره.. إذ قد يعتاد الكره منذ أن حرمته أمه من لبنها .. أو المزاح معه ..أو العطف عليه والتعاطف معه فى شدائد الطفولة .. أو ربما شعر بأنه محتاج للمقاومة فى ملاعب طفولته .. وبالتالى تبلورت فيه تلك العوامل إلى غريزة عدائية بما تعكسه من مخاطر على شخصيته .. تتطور هذه المخاطر مع تقدمه فى العمر إلى أن تتمثل كرها لمن حوله .. أو ربما لصق الكره به منذ أن لاحظ أبويه وهما كل يوم فى شجار مستمر فيرى والده يقسو على أمه ..فيتعاطف هذا الصغير معها .. متولدا فى صدره إحساس بالانتقام لأمه من أبيه القوى الجائر على الأم الضعيفة . ولكن يحدث التغيير من الكره الى الحب أو العكس .. فلابد من ايجاد البديل الأقوى من العوامل التى هى الأصل والأساس فى كل شئ .. فحينما يوجه هذا الانسان طاقته ويركز تفكيره نحو شخص ما ليغدر به فى أى مما ملكت يمينه .. إنما يكون هذا ناتجا عن كرهه للشخص الآخر .. وهذا الكره يظل قائما مع النمو ومستمرا فى طبيعة التفكير .. حتى يأتى يوم يقدم فيه الشخص الآخر صنيعا حسنا وجميلا مدهشا لم يكن الكاره يتوقعه منه.. عندئذ.. يحدث التغيير بصورة قوية تتبدل مشاعر الكره إلى احساس بالمعروف .. ولباس من الجميل مما صنعه ذلك الشخص لهذا الانسان الكاره مع الأيام .. دون أن يشعر الأخير بأن هذا من باب الجميل والمعروف .. وعقب هذه التجربة يتبدل أحساسه من كره إلى حب لذلك الشخص .. وكذلكم فيما لوكان الذى بين طى ضلوع هذا الإنسان حبا لهذا الشخص ثم خالف الواقع التجربيي واقع ظنه.. وتبين له الكره من الشخص الاخر فحتما سيحدث العكس . وقولى هذا ..لاينفى ردود الفعل التى قد يترتب عليه كره مضاعف للشخص الاخر وذلك نتيجة شعور ان من يقدم له حسن الصنيع أقل شأنا منه.. وأقل قدرا.. حيث يبرز سم آخر فى الفؤاد وهو الحسد والحقد ضد الذى قدم حسن الصنيع . ولكن يوجد بيننا أناس متحابون متماسكون .. علينا أن نبدأ بتوجيه أبنائنا نحو السبل المثلى فى معاملتهم للناس معاملة طيبة فى مسالك الخير التى تفيد الطرفين بعيدا عن الأنانية .. وبعيدا عن أسلوب التحقير.. والأخذ بدون عطاء .. ولانعرض أبناءنا للحرمان الذى هو من أخطر مسببات الانحراف بصورة عامة.لذلكم..تعتبر الأم هى الركيزة الأولى المسؤلة عن هذا .. لأنها أول من يتسلم الطفل طريا فى مهده وغضا فى عوده صافيا فى عقله ونفسه .. وهى التى يبصرها الطفل أول من يبصر من البشر .. ويسمع صوتها قبل أى صوت فى هذه الحياة . ثم ياتى دور الأب ليتولى المسؤولية بحكم سيطرته على الأسرة بما مكنه الله فيه .. ومالهذه السيطرة من حقوق أوجدها وجوبا ديننا الإسلامى الحنيف .. من حيث الأمر بالخير والنهى عن الشر .. مراعيا أساليب ومراحل التأديب .. وتقويم الإعوجاج فى حدود الممكن نفعا. وأخيريا .. فلنعلم .. أن الإنسان (أ) عندما يكره الانسان (ب) الذى حسبه صديقا .. إنما يكون ناتجا عن أن التجارب قد كشفت للأول بأن الأخير مخادع .. متملق غشاش .. كان يربط حبه بالأول وفقا لأهداف تزول سريعا بتحقيق الغاية التىمن أجلها تظاهر بحبه له زيفاونفاقا. وقلما نجد الحب فى هذا الزمان .. وفى أقلها دواعى الحسد والحقد التى تتحول فى صدورهم الى حمم تحرق مشاعرهم وتلهب ألسنتهم .. ليتقولوا الكذب والافتراء .. ألا بئس القوم هم .
مواقع النشر (المفضلة)