للمسجد الاقصى ومدينة القدس مكانة دينية مرموقة في ضمير الامة الاسلامية في مشارق الارض ومغاربها، مما يستدعي ان يلتزم جميع المسلمين بوجوب الدفاع عن مدينة القدس والغيرة عليها، والذود عن حماها، وبذل الغالي والنفيس في سبيل حمايتها.
المسجد الاسير يتعرض اليوم لاخطار حقيقية داهمة، ويدنس يوميا ممن لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة، ولا يراعون حرمة لدين او تشريع او قانون، على مرأى ومسمع من الامة التي اصابها الوهن، فلا تحرك ساكنا، فازداد المعتدي تماديا في جرائمه ضد المسجد الاقصى المبارك وارض الاسراء والمعراج واهلها، الذين لا يجدون الا الثبات والصبر والمرابطة في ارضهم، نيابة عمن تخلوا عن واجبهم ومسؤولياتهم نحوه.
لقد ربط الله تعالى بين المسجد الاقصى المبارك وبين المسجد الحرام ربطا عقائديا مصيريا، وفي ذلك لفت نظر المسلمين ان ضياع احدهما ضياع للآخر، بل ضياع لمقدسات الاسلام جميعها.
وتعلقت قلوب المسلمين عبر التاريخ بمدينة القدس فحرسوها وكرموها وهبوا للدفاع عنها كلما تعرضت للغزو او الاحتلال، واعتبروا التفريط فيها تفريطا في العقيدة لا يمكن ان يصبروا عليه لانه طعن للامة في عزتها وكرامتها ومظهر لهوانها.
وستظل القدس وارض فلسطين المباركة ارض رباط وجهاد الى يوم القيامة، قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، 'يا معاذ ان الله سيفتح عليكم الشام من بعدي من العريش الى الفرات، رجالهم ونساؤهم وإمامهم مرابطون الى يوم القيامة، فمن اتخذ ساحلا من سواحل الشام او ببيت المقدس، فهو في جهاد الى يوم القيامة'.
وفيها الطائفة المنصورة، التي بشر بها صلى الله عليه وسلم، بقوله: 'لا تزال طائفة من امتي على الدين ظاهرة لعدوهم قاهرين لا يضرهم من خالفهم الا ما اصابهم من لأواء حتى يأيتهم امر الله وهم كذلك'، قالوا يا رسول الله واين هم؟ قال ببيت المقدس واكناف بيت المقدس' رواه احمد.
وهي ارض المحشر والمنشر، قالت ميمونة بنت سعد رضي الله عنها: يا نبي الله افتنا في بيت المقدس، فقال: 'ارض المنشر والمحشر ايتوه فصلوا فيه، فإن صلاة فيه خير من الف صلاة فيما سواه'، قالت: 'أرأيت من لم يطق ان يتحمل اليه او يأتيه؟ قال: فليهد اليه زيتا، فإن من اهدى له كان كمن صلى فيه' رواه احمد.
وقد كان حديث القرآن الكريم عن المسجد الاقصى وحديث الرسول، صلى الله عليه وسلم، عن فضل الصلاة فيه، من المبشرات بأن القدس سيفتحها الاسلام وستكون للمسلمين، وقد كان، ففتحت القدس في العام الخامس عشر للهجرة.
واعلم الله نبيه محمدا، صلى الله عليه وسلم، بأن هذه الارض المقدسة سيحتلها الاعداء، او يهددونها بالغزو والاحتلال، ولهذا حرض امته على الرباط فيها، والجهاد للدفاع عنها حتى لا تسقط في ايدي الاعداء، ولتحريرها اذا قدر لها ان تسقط في ايديهم، كما اخبر، عليه الصلاة والسلام، بالمعركة المرتقبة بين المسلمين واليهود، وان النصر في النهاية سيكون للمسلمين عليهم، وان كل شيء سيكون في صف المسلمين حتى الحجر والشجر، وسينطق كل منهما دالا على اعدائهم بلسان الحال او المقال.
وفي القدس ستكون خلافة المهدي ومستقره، قال صلى الله عليه وسلم، بعد حديثه عن خروج الدجال: 'فترجف المدينة بأهلها ثلاث رجفات.. قيل: يا رسول الله فأين العرب يومئذ؟ قال هم يومئذ قليل وجلهم ببيت المقدس، وامامهم المهدي رجل صالح منا اهل البيت.. ' رواه ماجه.
وفيها ايضا ينزل سيدنا عيسى عليه السلام ويصلي بامامة المهدي في بيت المقدس، فيتبعه المسلمون المؤمنون لزوما، وهذا برهان على الوحدة الاصلية للدين.
فإذا ما خرج الدجال على الناس في فتنته الكبرى وشايعه اليهود وغيرهم يحرمها الله عليه فلا يدخل مسجدها، قال صلى الله عليه وسلم، في ذلك 'وانه سيظهر على الارض كلها الا الحرم وبيت المقدس، وانه يحصر المؤمنين في بيت المقدس فيزلزلون زلزالا شديدا..' رواه احمد.
وفيها تكون نهاية هذا الدجال على يد عيسى عليه السلام، كما اخبر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بقوله: 'انه يخرج من يهودية اصبهان حتى يأتي المدينة.. فيخرج اليه شرار اهلها حتى يأتي فلسطين بباب لد، فينزل عيسى عليه السلام فيقتله'، رواه احمد.