الارتباط بالواقع يقسم الناس إلى ثلاثة أقسام : أحدها ينهي شخصيا بعضهم ويذيبها في محلول الواقع لتصبح جزءا منه غير مميز طعما ولونا ورائحة وهذا هو سواد الناس ومن يقودهم العرف العام وثانيها يحطم شخصيات وهذا التحكيم يوجد في المجتمع عدة فئات مريضة, بعضها مريض بمركب النقص, وبعضها مريض بالخوف من المجهول والقلق وبعضها مريض بالتبعية والانتماء الأعمى وبعضها مريض بالإحباط والنظر إلى الحياة بمنظار التشاؤم حسب درجاته من الرمادي إلى الأحمر إلى الأسود.

بعضها مريض باللامبالاة وترك الأمور تجري في أعنتها ولكنه لا يبيت خالي البال.أما القسم الثالث فهو القسم المعول عليه وهو الذي يملك الصفة القيادية الرائدة وهو الذي لا يستسلم أمام الصعاب ولا ينهزم انهزام الذليل, بل نراه وكأنه في حلبة صراع أو ميدان معكر يكر ويفر كحصان امرىء القيس الذي وصفه في معلقته.. (مكر مفر مقبل مدبر معا(.

ولا ينطبق عليه الشطر الثاني من هذا البيت. هذه الشخصية التي وصفناها بالقيادية هي الشخصية الإيجابية التي يفترض فيها ان تكون في مقدمة صفوف المجتمعات .. ولو عدنا للاقسام السابقة, فالأول قد نراه يطبق النظريات تطبيقا لا انحراف فيه معتمدا اعتماد المجائز في صحتها وعدم مناقشتها.


أما القسم الثاني فإنه يعيش على فتات المجتمع وفتات نظرياته ومرئياته ونراه يقبل ما يقدم له من مثل وقيم ومورورث اجتماعي ولكنه يتميز بعدم التحمس لذلك بل يرى ذلك تحصيل حاصل . أما القسم الثالث فإنه صانع النظريات يقوم بالعمل ثم تخرج النظرية من بين طيات عمله. ويأتي الناس بعده ليحققوا تلك النظرية ويحققوا فيها ويطبقوها وتلك الصفة أولى صفات القائد أو من أولى هذه الصفات,ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة في ذلك .

فالإسلام جاء ليقود العالم بنبيه الكريم الذي جاء بمكارم الأخلاق والعبادة الحقة النقية والاعتقاد الصافي من الشرك والوثنية.. وما اعتمد على نظريات قبله بل جاء بالحق المبين الذي سطع على الإنسانية كلها, ومن ثم جاء من يقعد وينظر هذه الفعاليات.. ابتداء بالقدوة والأسوة نبي الإسلام الكريم في صحته ومرضه وفي حربه وسلمه وفي يقظته ونومه. وهذا ما يجب أن يكون عليه المسلم في كل حين وفي كل مكان في الأرض