مدونة نظام اون لاين

النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: حين تكون البغضاء هي العنوان

  1. #1
    ... عضو مميز...


    تاريخ التسجيل
    Feb 2007
    المشاركات
    217
    معدل تقييم المستوى
    1

    افتراضي حين تكون البغضاء هي العنوان

    و مع الكاتب و المفكر و الأديب الأستاذ تركي الحمد نقدره و نحترمه و لكن ربما نوافقه او نناقشه و هذا شان كاتبنا التركي و امثاله و ان كتب ما كتب يتقبل النقد و الحوار فا لجميع ينظر اليوم وهو ينظر مثلنا ...

    لنا تعليق لاحقآ ...


    تحياتي



    و عمل يوم جديد و حافل بالأنجازات انشاءالله



    ابراهيم الشدي


    .................................................. .......................................



    الأحد 25 فبراير 2007م، 07 صغر 1428 هـ


    حين تكون البغضاء هي العنوان



    تركي الحمد

    في أحد الأفلام العربية، وأظنه «فتاة من تل أبيب»، يتعرف البطل (محمود ياسين) وزوجته (رغدة) على إسرائيلي (فاروق الفيشاوي) أثناء رحلة إلى طابا، بعد أن أنقذ ابنهما (خالد النبوي) ابنة الإسرائيلي من الغرق، على أساس أنه أميركي وليس إسرائيلياً. ثم تبدأ صداقة بينهم تتوطد يوماً بعد يوم، حتى يكتشف الأب والأم أن صاحبهما إسرائيلي، وهنا تبدأ أحداث الفيلم. تنتحب الأم وتشرد الذهن معاقبة نفسها على الحديث مع إسرائيلي رغم أنها لم تكن تعلم أنه إسرائيلي، ويبدأ الأب في الدخول في مناقشات سياسية حامية مع الإسرائيلي حين يُجبر على لقائه، ويقطع ابنهما علاقة حب ناشئة مع الإسرائيلية. كانت الأم كارهة للإسرائيليين لأنهم قتلوا ابنها البكر في سيناء، وهنا نجد مبرر الكراهية ونتفهمه. أما الأب فقد كان مدرساً للتاريخ وكان يكره الإسرائيليين لأنهم سلبوا حقاً ليس لهم، وهنا نجد مبرر الكراهية ونتفهمه أيضاً. أما الولد، فكان مبرره أن الفتاة تحمل الجنسية الإسرائيلية، أي أنه يكره الإسرائيلي لا لأنه قتل أخاه، ولا لأنه اغتصب حقاً، بل لمجرد كونه إسرائيلياً، كما كان أصحابه في الرحلة يتجنبون الإسرائيليين لأنهم إسرائيليون. وما ينطبق علينا نحن العرب في هذا المجال ينطبق على الإسرائيليين أيضاَ، الذين يُعلمون كراهية العرب لأطفالهم في المدارس، لكونهم عرباً فقط، كما نفعل نحن ذات الشيء في مدارسنا، حين نصف اليهود بكل رذيلة في هذه الدنيا، وهم يفعلون ذات الشيء بالنسبة للعرب.

    لقد كان هذا الفيلم، وككل الأفلام العربية التي تناقش قضية الوجود الإسرائيلي في فلسطين، يحاول أن يُظهر الإسرائيليين خاصة، واليهود عامة، على أنهم جنس مختلف من البشر. جنس يتميز بالمكر والخداع والمؤامرة الدائمة على كل ما هو غير يهودي، في تجسيد سينمائي غير محكم لما ورد في «بروتوكولات حكماء صهيون»، في ذات الوقت الذي يظهر فيه العربي جنساً مختلفاً من البشر أيضاً، ولكن بشكل عكسي. جنس يتميز بالكرامة الفائقة، والأنفة، والشهامة والكرم والمروءة. ولكن عندما ننظر إلى المسألة من زاوية تحاول أن تكون موضوعية قدر المستطاع، نجد أنه لا الجنس اليهودي (إن كان هناك جنس يهودي) ماكر ذاك المكر، ولا الجنس العربي طيب تلك الطيبة، بل أن الجميع يتمتعون بشيء من هذا وشيء من ذاك، ككل جنس بشري وجد ويوجد على هذه الأرض. مثل هذا الفيلم، وقد أوردناه كمثل نتعايش معه كل يوم، يوضح بشكل جلي الموضوع المراد الحديث عنه في هذه العجالة، ألا وهو علاقات التوتر والكراهية بين الناس عموماً، لمجرد أنهم يختلفون عن بعضهم البعض. نعم قد يوجد مبرر للكراهية والحقد والبغضاء في هذه اللحظة من الزمان أو تلك، ولكن المشكلة لا تكمن هنا بقدر ما تكمن في استمرار هذه الكراهية وتلك البغضاء حتى بعد زوال أسبابها ومبرراتها، ويصبح كل ما هو عربي ممقوت لدى اليهودي لمجرد أنه عربي، وكل ما هو يهودي ممقوت لدى العربي لمجرد أنه يهودي مثلاً، والأمثلة أكثر من أن تُعد. ومع استمرار الشعور بالبغضاء والكراهية حتى بعد زوال أسبابها ومبرراتها، تتحول إلى نوع من العداء التاريخي بين الأمم والشعوب والأفراد، يتحول بدوره إلى نوع من عنصرية بغيضة أو طائفية شنيعة يقلل كل طرف من أطرافها من شأن الآخر، بجعله أدنى درجة في سلم الأجناس البشرية، كما فعل أدولف هتلر مثلاً، وتصبح العلاقات بين البشر مؤسسة على هوية الأطراف، أو البطاقات غير المرئية التي يحملونها في أجسادهم من الداخل، وليس وفقاً لتلك الإنسانية الفطرية المشتركة ساعة الولوج إلى الحياة، والتي عبر عنها قول الحق: «يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى، وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله اتقاكم»، أي أن هدف التمايز والاختلاف هو التكامل وليس التنافر، والخطاب القرآني هنا هو لكل الناس وليس لفئة دون أخرى.

    فبالعودة إلى البدايات، يولد الإنسان فرداً عارياً من كل شيء، فلا ملابس، ولا أفكار جاهزة أو موروثة جينياً (إلا إذا كان من مريدي أفلاطون ومدرسته)، ولا هوية محددة، ولا ذاتية معينة، ولا خصوصية مندسة بين الضلوع، ولا جنسية تجري مع الدم، ولا قومية طاغية أو مذهبية كامنة. يولد الإنسان وهو مجرد إنسان، سواء كانت ولادته في أفريقيا أو آسيا أو غيرهما من أركان المعمورة، ومن بعد ذلك يُكسى باللباس، ويورث الأفكار، ويُمنح الهوية والمذهبية والجنسية، ويصبح بالتالي عربياً أو صينياً أو نيجيرياً، مسلماً أو مسيحياً أو هندوسياً، سنياً أو شيعياً، وعلى هذا المنوال تكون حياة الفرد فيما بين لحظتي الوجود والعدم، وتضيع بين هذا وذاك إنسانيته المتماهية مع كل إنسان آخر، والتي هي حقيقة الوجود الأولى والضائعة في خضم حياة ما بعد الفردوس المفقود، وأقصد بها لحظة الوجود الأولى. هذا هو منطق الحياة، وهكذا يعيش الناس في هذه الدنيا: بهوية وذاتية معينة، وهذا شيء من ضرورات الوجود التاريخي للإنسان، طالما كان الإنسان كائنا اجتماعيا.

    أن يتمايز الناس بعد لحظة الوجود الأولى، التي يتوحد فيها الجميع، وقبل لحظة الفناء التي يتوحد فيها الجميع أيضاً، شيء يفرضه الوجود الاجتماعي للإنسان، وهو شيء محبذ ومطلوب، فجمال الحياة يكمن في تميزها وتنوعها، ولكن القبيح في الأمر هو عندما يتحول هذا التمايز إلى بذرة كراهية وعداء وحقد لمجرد التمايز الذي من المفترض أن يكون خلاقاً. فالعالم مكون من قوميات وديانات وجنسيات متعددة، وهذا أمر يفرضه التاريخ على الوجود الإنساني على هذه الأرض، حيث التمايز دائماً هو الأساس، ولكن أن يصطدم الناس ببعضهم البعض لمجرد الاختلاف والتمايز، ويعادون بعضهم البعض، ويقاتلون بعضهم البعض، لمجرد الاختلاف! هنا تكمن معضلة الجنس البشري، بل هنا تكمن مأساة الإنسان في وجوده الأرضي.

    حروب كثيرة، ومآس كثيرة قضت على حياة ملايين البشر عبر التاريخ كانت أسبابها مجرد الاختلاف: فهذا روماني وذاك فارسي، وهذا فرنسي وذاك انجليزي، وهذا مسيحي وذاك مسلم، وهذا كاثوليكي وذاك بروتستانتي، وهذا سني وذاك شيعي، والقائمة تطول. قد يكون لمثل تلك الحروب والصدامات بين بني البشر أسباب خفية لا يعلمها إلا الضالعون في العلم، أو أولئك الذين يرفعون لافتات لا علاقة لها بالأسباب الحقيقية للصدام ظاهراً، ولكن المشكلة أن كل ذلك يولد كرهاً في القلوب، وحقداً في النفوس، وخاصة عند العامة من الناس، لا مبرر له لو كان المنطق والعقل هو المسير لأمور الناس، ولكن تاريخ المأساة البشرية يقول أن الإنسان كان وما زال كائنا تسيطر عليه الانفعالات والمشاعر المغذاة بموروث الحقد والبغضاء، وتهيمن عليه الغرائز والنوازع المثارة بذات الانفعالات والمشاعر، قبل أن يكون مهتدياً بنور العقل ومنطق الحكمة، وخاصة إذا تعلق الأمر بمشاعر الحقد والكراهية والعداء. هذا يكره ذاك لا لأنه فعل له شيئاً، ولكن لأنه مختلف عنه. نعم قد تحدث أحداث تثير الفتنة وتطلق شرارة الصدام والقتال، ولكن مشاعر الكره والبغضاء والنفور تبقى على مر الزمان رغم انتهاء الظروف التي صنعتها، وهنا تكمن المأساة، ومثال صارخ من تاريخنا العربي الإسلامي، لا زلنا نعاني منه حتى اليوم رغم زوال أسبابه، كفيل بتوضيح هذه النقطة، وإلا فإن الأمثلة كثيرة. قتل الأمويون الحسين في كربلاء لثورته على يزيد بن معاوية، والقول بأحقيته في الملك والسلطان بعد وفاة أبيه وأخيه ومعاوية بن أبي سفيان الذي بايعه الحسن فيما يسمى بعام الجماعة، وانتهى صراع السلطة في كربلاء بانتصار يزيد، وترعرعت بذرة انقسام المسلمين إلى سنة وشيعة بانفصام في النفوس قبل المذاهب، وبقيت كربلاء في نفوس شيعة علي والحسين على مر الدهور، وكأن حسيناً ويزيداً ما زالا يتصارعان في ساحة وغى تاريخية لا تريد أن تنتهي، وبقيت كربلاء بذرة نفور وكراهية لا تريد أن تريم: هؤلاء يسمون أولئك بالروافض، واولئك يسمون هؤلاء بالنواصب، فلا النواصب قابلون للروافض، ولا الروافض قابلون للنواصب، والكل يقول أنه على الحق والحق معه، وتبقى البغضاء في النهاية هي العنوان.

    أما الحقيقة، أو ليلى التي يدعي كل وصلها، فلا أجد أفضل مما قاله الفيلسوف السيرلانكي «والبولا راهولا» في وصفها. يقول راهولا «ليس للحقيقة بطاقة. الحقيقة ليست احتكاراً لأحد. والبطاقات التي تلصق ليست إلا عائقاً أمام التفهم الحر للحقيقة، وهي تُدخل في عقل الناس أحكاماً مسبقة مسيئة. إن هذا حقيقي ليس في الميدان الفكري والروحي وحسب، بل كذلك في ميدان العلاقات الإنسانية». ويقول في موضع آخر: «إن الصفات الحسنة أو النقائص، أو المشاعر البشرية من محبة وإحسان وشفقة وتسامح وصبر وصداقة ورغبة وكراهية وإيذاء وجهل وغرور.. ليس لها بطاقة مذهب أو شيعة. إن أهلية المرء أو عدم أهليته لصفة حسنة أو لنقيصة لا تزيد ولا تنقص بسبب انتمائه إلى ديانة خاصة أو عدم انتمائه إلى أي دين»..

    أجل.. تغيب الحقيقة حين تطيش العقول، وتطيش العقول حين تلتهب المشاعر وتنفجر الغرائز، ويصبح كل شيء وأي شيء مبرراً باسم الاختلاف والتمايز، وتبقى الكراهية هي محرك تاريخ جنون الإنسان، وتعساً له من تاريخ..

    *نقلا عن جريدة "الشرق الأوسط" اللندنية






































    من ابراهيم الشدي

  2. #2
    كبآآر الشخصيآت

    تاريخ التسجيل
    Jul 2005
    الدولة
    عند أهلــــي وربعي
    المشاركات
    26,434
    معدل تقييم المستوى
    27

    افتراضي

    اخي


    وكاتبنا الرايع



    ابراهيم الشدي



    الله يعطيك العافيه



    واشكرك على الموضوع الرايع


    اتمنى لك وللجميع


    النجاح والتوفيق

  3. #3

    ][ عــضــو الـتـمـيـز ][


    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    15,118
    معدل تقييم المستوى
    16

    افتراضي

    موضوع رائع..
    وعنوان اروع..
    لقط اتقنت في اخيتار العنوان..
    لهه المقاله الرائعه..

    يسلمو كثير..

  4. #4
    ... V I P...


    تاريخ التسجيل
    Jul 2006
    المشاركات
    2,110
    معدل تقييم المستوى
    3

    افتراضي

    الله يعطيك العافيــــــــــــــــة على الموضوع الرائع,,,

المواضيع المتشابهه

  1. العنوان
    بواسطة ♪ MzajeYa ٭ في المنتدى الارشيف
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 30-03-2009, 01:52 PM
  2. ولاشي << قد احد احتارمثلي وش يحط اسم العنوان
    بواسطة أم صقر في المنتدى الارشيف
    مشاركات: 31
    آخر مشاركة: 10-10-2008, 07:52 AM
  3. عندما تريد أن تكون ...ولا تكون
    بواسطة الهــــارب في المنتدى الارشيف
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 25-11-2006, 12:49 PM
  4. مؤسف ان ترى العنوان ولا تدخل
    بواسطة بن هليل في المنتدى الارشيف
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 31-07-2006, 11:43 PM
  5. عذرا... ضاع العنوان!!!
    بواسطة كاتبه رغم انف الجميع في المنتدى قصائد وخواطر
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 12-10-2005, 02:05 PM

مواقع النشر (المفضلة)

مواقع النشر (المفضلة)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •