حياتنا.. مجموعة أنوار تضاء بنوع ومقدار حركتنا في هذا الوجود، فللصبر نور، وللتضحية نور، وللكرم والعفاف والتسامح نور، وعلى هذا يتم القياس، فلكل ما يشكل حركتنا ومشاعرنا في هذه الحياة نور ينعكس سناه على وجوهنا ومحيانا، ولعل أصل كل هذه الأنوار، هو مولد الطاقة التي تستمد منه جميع أنوار الحياة نورها، الذي تجسده الغايات التي نريد الوصول إليها، أو بمعنى آخر الأحلام التي نريد تحقيقها، فالذين لا يعملون وتقصر عزائمهم عند الحركة المطلوبة للوصول لغاية، إما بصبر على شدة أو سعي خلف معرفة، لم تستند حركاتهم إلى أحلام يستميتون للوصول إليها فينطفئ من أنوار حياتهم نور العزيمة ونور العمل، وهكذا كل ما في حياتنا من قول أو فعل، يفرضه حلم يراد تحقيقه فيضاء على حجم الحركة ونوعها وما يترتب عليها من مشاعر أنوار تنعكس علينا، وعندما تموت الأحلام، تبدأ الأنوار بالانطفاء تباعاً من حياتنا، فيذهب نور الحافز، ويختفي نور العمل ويملأ الظلام نور الرغبة فيموت الأمل ومعه الإنسان وإن بقي حياً بانطفاء أنوار حياته، الذين لا تنطفئ أنوارهم هم الذين لا تموت أحلامهم أبداً، وتصل لذروتها بأن يحلموا في جنة عرضها كعرض السماوات والأرض، ولا يخبو نور أملهم في رحمة الله وغفرانه، فتبقى بقية أنوارهم من أفعال يتطلبها حلمهم مضاءة، فينار فيهم نور الصبر، ونور المثابرة، ونور التسامح والتراحم والتواصل وأنوار أخرى للرجاء والتوبة، فتراهم وإن تقلبت أحوالهم في الدنيا يسعون بأنوار تعلو وجوههم ومحياهم، أما الذين لا تلمح في وجوههم نوراً، فهم الذين مات فيهم أكبر الأحلام وانطفأ عندهم نور الأمل في رحمة الله حتى خيم الظلام على جميع أوجه حياتهم.. والله المستعان.