الجميل حين يتكلم الشباب أنك تسمع صوت المستقبل... حين تؤكد شابة انها تزوجت دون أن تنظر النظرة الشرعية لزوجها وتكتشف بعد الزواج انه لا يحمل أي شيء من تفاصيل حلمها في فارس الأحلام سواء في شكله أو ثقافته أو اتجاهاته الفكرية بل والتعليمية وانها تزوجت لأن الأهل تريد ذلك ولأن المجتمع سينعتها بالعنوسة بمجرد بلوغها الثلاثين وهي عزباء...؟ ان هذا الصمت لا يحمل رفضاً لواقع ولكنه يحمل توقعات لتغيرات اجتماعية قادمة انها لن تكرر تجربتها مع ابنائها، الأكيد ان ذلك سوف يضيف زخماً من التغير الاجتماعي الايجابي..
حين يؤكد شاب بقوة انه يريد العمل في الميدان بعد أن تأكد ان عمل المكاتب لا يشبع طموحه في النجاح والثراء فإن ذلك ايضاً يدل على تغير في قيم العمل التي ارتكزت لسنوات طويلة على الفكر الاجتماعي والقبلية والنعرات الاجتماعية التي لا تضيف للعمل شيئاً بل انها ولسنوات عديدة شكلت معوقاً رئيسياً للتنمية...
صوت الشباب رائع ان نسمعه لأننا من خلاله نستطيع ان نتعرف على حقيقة المستقبل، ولكن الموجع ان بعض تلك الأصوات غير ايجابي، هناك شباب لا يعرف عن واقعه الاجتماعي شيئاً.. إحداهن تصر على ان المرأة تعيش أفضل أوضاعها، وان الفتاة السعودية تنعم بما لا تحلم به أي فتاة أخرى..؟؟ لن أظلم حال المرأة السعودية بل هو فعلاً أفضل من أوضاع نساء آخريات، ولكنه ليس كما يجب، بل ان بعض حقوقها الشرعية مسلوبة... تلك الفتاة تجعلك تتوقع مستقبلاً سلبياً للمرأة السعودية لأن صوت الشباب هنا بدون عين ناقدة وبدون إرادة التغيير..؟ ايضاً حين يصر الشاب على أن الوظيفة هي تلك التي تعطيه راتباً شهرياً ولا تخدش أصوله القبلية. فإنه بذلك يجعلك تتساءل كم من الوقت نحتاج ليذوب المجتمع في بعضه بعضا... حين يؤكد شاب ان التفحيط فن يمكن ممارسته على أي حزام اسفلتي اسود فإنك تخشى من الغد...؟ فيما ستبتسم لذلك الشاب الذي يصر على تغيير اسمه ليستطيع تجاوز عرف القبيلة ويعمل عملاً يحبه ولا يليق باسم العائلة الا وهو طباخ في فندق خمسة نجوم...؟ يؤكد انه يستطيع سكن ذلك الفندق ولكن بمال والده لا بماله..؟ ذلك الشاب يجعلك تتوقع ان عملية السعودة مستقبلاً لن تكون قراراً حكومياً بل هي خطوات أفراد تؤمن ان للعمل قيمة قد لا ترتبط مباشرة بأي عرف اجتماعي ولكنه قانون سوق العمل والبقاء للأصلح.. وشرف المهنة أهم من اسم العائلة..
الحوار مع الشباب لا يثري الحوار فقط ولا يكسبهم مهارات اثبات الرأي أو مهارات الاختلاف مع الآخر مع احترامه، بل هو يكشف لك مساحة كبيرة من متغيرات الغد اجتماعياً، حيث تكشف لك آراؤهم ان الحراك الاجتماعي وإن كان بارداً الآن فإنه في الغد قد يكون ساخناً إلى حد انك تتساءل من يستطيع احتواء تلك التغيرات بل والتحولات حيث مازالت بعض المؤسسات لدينا تعمل وفق سياسة اقبل بالواقع وإياك ان تناقش فكرة تغييره أما رفضه فتلك كارثة لا يحتملها كثير منا..
مواقع النشر (المفضلة)