كان سعيد أصغر اشقائه وشقيقاته، فدلله كل من حوله، خاصة والده الذي كان يحبه حبا شديدا، ويفضله عن باقي اشقائه وشقيقاته بحكم انه اصغرهم واحبهم الى قلبه.
ولكن بمرور الوقت اشتد عود الطفل الصغير سعيد وفسد اخلاقيا وهجر دراسته بعد ان فشل فيها فشلا ذريعا. لم يستمع لنصيحة والده بالبحث عن عمل لانه كان كسولا بطبعه.. وانضم الى شلة فاسدة، كل افرادها عاطلون عن العمل وفاشلون على شاكلته.
تعلم منهم تدخين السجائر، ومن ثم انتقل الى احتساء الخمر، ثم تعلم تعاطي المخدرات بل اعتبرها عنوان الرجولة في نظره.. الرجولة التي كانت من مقوماتها اعمال البلطجة والنصب على خلق الله والمستضعفين الفقراء.
لم يرحم سعيد والده الشيخ الكبير وتمادى في افعاله، حتى ان وفاة والده لم تحرك فيه ساكنا، على الرغم من انه مات وهو غاضب من افعاله وسوء سلوكه وعقوقه.
بعد وفاة والده لم تستطع والدته الارملة المجروحة السيطرة عليه او اثناءه عن الطريق الشائك الذي سار فيه بخطى واسعة. لم يلتفت إلى نصيحة اخ او اخت او دمعة ام قلبها يعتصر عليه وعلى سلوكه الذي اساء الى سمعة العائلة بأكملها.
لم تتحمل الأم المسكينة كل تلك الآلام والاحزان، سواء حزنها على فراق زوجها ورفيق عمرها او حزنها على سعيد ونهايته السوداء التي تنتظره نظرا إلى سيره في هذا الطريق الشائك. ففارقت الحياة بعد مرور بضعة أشهر على وفاة زوجها في صمت وسكون وحزن دفين على ابن تائه لا امل في عودته. حتى وفاة والدته لم يؤثر في سعيد، بل انتهز فرصة انشغال الاسرة في تجهيز مراسم العزاء وسرق مصوغات والدته التي كانت في خزانة ملابسها، وهرب الى الشارع الذي فتح له ذراعيه لانه المكان الذي يستحقه بالفعل.
انتقل سعيد للعيش مع صديق فاشل وعاطل على شاكلته، واقتسم غنيمة بيع مصوغات والدته مع صديقه وبات الاثنان ينفقان ببذخ على سهراتهما وملذاتهما والمخدرات التي كانا يتعاطيانها، الى ان نفد منهما المال بعد اشهر قليلة، فقررا القيام بسرقات حقيقية من وقت الى آخر لتوفير بعض المال للانفاق على سهراتهما. وبدأ سعيد بالسطو على البقالات في سواد الليل، عن طريق التهديد بسلاح ناري واجبار العامل المسكين على تسليمهما كل النقود الموجودة في حوزته.
تلقى رجال المباحث عدة بلاغات من اصحاب بقالات تفيد كلها بأن هناك شخصين يسرقانهم، احدهما يقوم بتهديد العامل والاخر يراقب الطريق. ونجح احد العمال في التقاط رقم لوحة سيارة صديق سعيد، وعلى الفور قبض عليه، فاعترف بدوره على سعيد شريكه في كل السرقات، فقبض على سعيد. وبعد اعتراف الاثنين، قدما الى المحاكمة بتهمة السرقة باستخدام السلاح وتحت التهديد. اصدرت المحكمة على كل منهما حكما بالسجن خمسة عشر عاما على عدة قضايا سرقات.
مواقع النشر (المفضلة)