قصة مراهق سعودي في لبنان (حقيقه)

طائرة الخطوط السعودية ، تصل بيروت ، ينزل هو ورفيق دربه سعد ،
الشاب الطيب الوديع ، في مغامره محفوفه بالمخاطر في بلد كله فتن !
بعد مرور أيام قليلة ... فتن قلب زياد باللبنانيات ، سافر في مراكب الغرام ،
وحجز أول طائرة في خطوط العشاق ، ينظر هناك لتلك الفتاة ،
ويحدق بتلك المرأة الرائعة ، يلاحق تلك المراهقة بنظراته الساخنة !
إلا أنه لم يفتن كما فتن بتلك المراهقة الساحرة ... التي كانت تسكن جوار الفندق
! قال له رفيقه سعد مرة : يا زياد بلاش لكاعة ومشاكسة ،
كل بنت تريدها ، أنت تذكرني (بجيمس بوند ) الذي لا تستطيع المخابرات
الروسية أن تتصيده إلا عن طريق الفاتنات الجميلات ، ثم يخرج من
المأزق بأسطورة مهندس وبروفسور وزارة الدفاع الأمريكية! وفي مرة
وذلك يوم الأحد ، خرج زياد وسعد من الفندق إلى نزهه في الأحياء ...
وفي الطريق وعن طريق المصادفة مرت تلك الفتاة المراهقة في قبالة
الطريق ! تسمرت عيون زياد بها ... هام وذاب في شوقه ، فتن وهو يرى
قوامها الممشوق ، ورشقتها المتناهية في الروعة ، والمني جب التي لبسته ،
خصرها البديع ، وشعرها المنسدل المسترسل خلفها ، وعينها الناعسة ،
وبيضاها الذي هو الشمس ، كانت فعلا كبيرق الذهب ، بل كمركبة أسطورية
مليئة بالعطور الفائحة ! فينكس زياد الطريق ويلاحقها ، في حركة لا شعورية ،
وقد أخذت منه الفتنها كل ما أخذت ! تحس الفتاة به يلاحقها ، فيروق لها ذلك ،
فتسرع في خطاها ، فيسرع خلفها ، تضحك وتتغنج ، وتتمايل في مشيتها وتقذف
بشعرها خلفها ، وتداعب خصلات شعرها الذي على جبينها ! يغيب زياد في سكرته ...
وينطلق بجنون ، حتى لقد خلي لرفيقه أنه مارد أو عفريت مزمجر هائج يريد
أن يقبض على الفتاة ويخسف بها ونفسه الأرض في الأرض السفلى حيث عالم
العفاريت ! وفي غياب زياد في جنونه ، وهو مسرع ...
يرتطم بجسم صغير ! فيلقيه بعيدا وسط الطريق ! يفيق زياد من سكرته ،
ويقف ، وتقف الفتاة المراهقة من بعيد ترمق الموقف ، وقد لفت انتباها
توقف الشاب السعودي المراهق . يلتفت زياد للجسم الذي أرتطم به ،
فإذا هي طفلة صغيرة ممزقة الثياب كان في يدها قطعة من الخبز وقد
سقطت في الجانب الآخر من الطريق . يسرع زياد نحوها ، فتلملم ثوبها
المرقع لتستر ساقيها ببقايا ثويها المرقع ، فيقف زياد ، تاركا لها فرصة
في ستر نفسها وهو متعجب ، ثم تقوم الطفلة بالبحث عن قطعة الخبز
التي سقطت منها ! في ذلك الوقت ، تقترب الفتاة المراهقة متظاهرة بتقديم
مساعدة متسائلة : يا حبيبتي ... عما تبحثين ؟ فترد عليها الطفلة :
خبزتي . الفتاة : خبزتك ( وتضحك ) ! عندها تحس الطفلة بالخجل
فيحمر وجها . يتقدم زياد ، متسائلا عما تبحث عنه الطفلة ؟ فتنظر له
الفتاة متبسمة وتقول : تبحث عن خبزتها التي سقطت على الأرض
( وتضحك ) ! زياد : أين وقع قطعت الخبز ؟ الفتاة : إنها هناك قرب
سلة المهملات ... هناك . الطفلة تسر بذلك ، وتركض مسرعة نحو
القمامة تلتقط قطعة الخبز! زياد يطلب من الطفلة أن ترمي الخبزة في سلة المهملات ،
ويخرج من جيبه عشر دولارات ويقدمها للطفلة ، ولكن الطفلة ترفض ،
وتمسك بقطعة الخبز ، وهو يصر عليها ، وهي تصر بالرفض !
عندها تتدخل الفتاة قائلة : دعها يا خليجي وكيفها ، فهؤلاء قذرين .
ثم تنحني كي تربط حذائها ، فيندفع من بين صدرها قلادة فيها صليب !
فيشاهده زياد ، فيتعجب ، ويسألها هل أنت نصرنية ؟ الفتاة : هذا ربنا يسوع ،
صلب لأجلنا وعلق على صليب العار ، وحمل خطايانا ، يسوع هو نور العالم ،
هو نهر الحياة ، وهو الطريق . زياد : المصلوب هو ربكم ؟ إذن أنت نصرانية ؟
الفتاة ( وهي تضحك ساخرة ) : أنا مسيحية ، وربنا المخلص الفادي يسوع له المجد ،
صلب بإرادته لأنه أحبنا ، لأن الله محبة فهكذا بذلك ابنه الحبيب الوحيد يسوع .
وأنا الآن ذاهبة للكنيسة ... تعال معي لترى الرب ملق على الصليب من أجلنا .
زياد : أيتها الفاتنة ... لالا...... فعلى صدرك رأيت الصليب ! الفتاة ( بغضب ) :
أنت كنت تلاحقني ؟!! زياد : نعم ... لأني أحمق وعاصي ، ولكن الصليب الذي على صدرك ،
الذي تسمينه صليب العار ، كشفي لي العار الذي كنت أفعله بسفاهتي ،
أرحلي عني ، معاذ الله أن ألحقك أنت وربك المعلق على صليب العار ! الفتاة
تجري مبتعدة باكية ، وزياد يدير ظهره متجها نحو رفيقه ، لكن الطفلة الصغيرة
تصيح خلفه : يا عمو .. عمو . يتوقف زياد ... وينحني لها ، وهو يبتسم تبس النادم
المحتقر لنفسه ويقول لها : نعم ... يا أختي . الطفلة : عمو ...
أنتم من السعودية ؟ زياد ( يتبسم ) : نعم ..... ولما السؤال ؟ الطفلة :
عندكم مكة والمدينة .. الله يا حظكم ! زياد ( يحس باحتقار الذات وتقريع الضمير ) :
نعم عندنا مكة والمدينة . الطفلة : يا عمو ... ممكن تأخذني معك لها .
زياد : أبشري ... على فكرة أنت وين ساكنه ؟ الطفلة : مخيم برج
البراجنة ... هو هناك ، هل تأتي عندنا تقابل والدي ؟ زياد ( يشاور رفيقه سعد ) :
إذا وافق صديقي . سعد : والله في هذه لا أمانع ، فهي جزء من مغامرة مأمونة ،
وليس مثل صاحبتك صاحبة صليب العار ! يتوجه زياد ورفيقه سعد مع الطفلة ،
نحو مخيم برج البراجنة ، والطفلة فرحة ، وتتكلم هنا وهناك قائلة :
عمو عمو ... إلخ . ويصلون إلى مخيم برج البراجنة ! يذهل زياد ، ويصدم سعد ،
من منظر المخيم ! البيوت مهدمه ، المجاري تجري في الأزقة ، الزبائل في نواحي
الطرق مبعثرة ، البيوت مدمرة ، وبعضها مغطى بالقماش ، وبعضها مرقع بالأخشاب ،
وقطع المعدن ! الأطفال شبه عراة . النساء في حالة رثى لها ! الطفلة مسرعة ،
سابقة زياد وسعد ، نحو بيتها ، صارخة : بابا ، بابا ... فيه ضيوف من مكة والمدينة !
يقف زياد ورفيقه عن بيت صغير محطم الأبواب والنوافذ قد رقع بالخشب والكرتون
وأغطية البلاستيك . يخرج الأب مبتسما فرحا يحيي ضيوفه من بلاد الحرمين .
ويدرك الأب نظرة سعد وزياد المتعجبة من الفقر والذل الذي يعيش فيه أهل
مخيم برج البراجنة . فيقول لهما : أظنكما متقززين من بيتنا ، نعم فأنتما
من بلد بترولي غني . زياد : بصراحة ... نحن حزينين جدا على فقركم ،
وفي نفس الوقت مبهورين بعزة أنفسكم . الأب : يا أخي نحن في مأساة ،
واضطهاد كبير لا يعلمه إلا القليل . زياد : أنتم ؟ اللبنانيين ؟! الأب : نحن اللبنانين
أهل السنة والجماعة . زياد : أهل السنة وجماعة ... طيب أيش دخل هذا بوضعكم
الاجتماعي ؟ الأب : القصة طويلة يا بني ، أسأل عنها صبرا وشاتيلا ، اسأل عنها
حزب الكتائب المسيحي ، اسأل عنها حزب أمل الباطني . أنت لا تعلم ما مر به أخوان
من أهل السنة والجماعة في لبنان ، النصارى تقف معهم الدول المسيحية الأوروبية ،
والشيعة تقف معهم إيران وسوريا ، أما نحن فلا أحد يقف معنا ، وقد صرنا وقود الحرب الأهلية .
أنت يا بني لا تعلم ماذا حصل للفلسطنين هنا ! لو أن الجبال تتكلم لبكت وماتت كمدا .
زياد : كل هذا حصل ويحصل وأنا ...! كم أحتقر نفسي ، واستصغرها ، كم أنا تائه ،
ضعيف ، تافه ، كل هذا يحصل لأخوتي أبناء عقيدتي ، وأنا أجري خلف مسيحية ،
لا أفكر إلا بشهوتي وجنوني ؟ الأب : يا بني للاسف الشباب الخليجي ما أكثرهم هنا ولكن ... !
زياد : ولكن يا عمي إلى متى ونحن غافلون ، إلا متى ونحن تافهون ؟؟ الأب :
أسأل جدران داري وشبابيكها المخلوعة ، فسوف تجيبك ، كم يصرف الخليجيين على القمار
والنوادي الليلة والسهرات الحمراء ، وعلى بنات الهوى ، وفتيات المساجات ، كم يصرفون ؟
لكن لم يكلف أحد منهم أحد يسأل عنا أو يحاول أن يعرف ! زياد : آآآه .
سعد : يجب أن ننقل كل ما شاهدناه لأهلنا . زياد : نعم . الأب ( يتبسم ) : أخشى أن لا يستيقظ
أهلكم إلا إذا دار الزمان عليهم كما دار علينا ، عندها لن يرحمهم أحد ، فهل سيتعظون ، هل سيستيقظون