أمامة بنت الحارث زوجة عوف بن ملحم الشيباني توصي بنتها في يوم زفافها: أي بنية، إنك قد فارقت الجوّ الذي منه خرجت والعش الذي فيه درجت إلى وكر لم تعرفيه وقرين لم تألفيه، أصبح بملكه عليك ملكاً فكوني له أمة يكن لك عبداً، احفظي منه خصالاً عشراً تكن لك دركاً وذكراً.
أما الأولى والثانية:
فالصحبة له بالقناعة، والمعاشرة له بحسن السمع والطاعة، فإن في القناعة راحة القلب، وفي حسن السمع والطاعة رضى الرب.
وأما الثالثة والرابعة:
فالتفقد لموضع أنفه والتعاهد لموضع عينه، فلا تقع عينه منك على شيء قبيح، ولا يشم أنفه منك إلا أطيب ريح، وإن الكحل أحسن الحسن الموجود، والماء أطيب المفقود.
وأما الخامسة والسادسة:
فالتعاهد لموضع طعامه والتفقد له حين منامه، فإن حرارة الجوع ملهبة وإن تنغيص النوم مغضبة .
وأما السابعة والثامنة:
فالإرعاء على حشمه وعياله والاحتفاظ بماله، فإن أصل الاحتفاظ بالمال حسن التقدير والارعاء على الحشم والعيال حسن التدبير.
وأما التاسعة والعاشرة:
فلا تفشي له سراً ولا تعصي له في حال أمراً، فإنك إن أفشيت سره لم تأمني غدره وإن عصيت أمره أوغرت صدره، ثم اتقي الفرح لديه إذا كان ترحاً، والاكتئاب إذا كان فرحاً، فإن الخصلة الأولى من التقصير والثانية من التكدير، وكوني أشد ما يكون لك إكراماً، أشد ما تكونين له إعظاماً، وأشد ما تكونين له موافقة، وأطول ما تكونين له مرافقة، وأعلمي أنك لن تصلي إلى ما تحبين منه حتى تؤثري رضاه على رضاك، وهواه على هواك، فيما أحببت وكرهت، والله يخير لك ويحفظك.
مواقع النشر (المفضلة)