هل يجوز تخصيص زكاة لمساعدة بعض الشباب على الزواج؟

تقول لجنة الفتوى بالأزهر: حدد الله سبحانه مصارف الزكاة في قوله تعالى: “إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ” (التوبة: 60). فلا يجوز دفعها لغير هؤلاء كما تفيد أداة الحصر وهي (إنما)، وكل هذه الأصناف حددها العلماء دون خلاف بينهم يذكر، إلا في قوله تعالى: “وفي سبيل الله” ففسره الجمهور بالجهاد، وفسره بعضهم بمتقطعي الحجيج، وجعله آخرون شاملا لكل القربات، ومع ذلك لا يدخل التزويج فيه كما قال المحققون، فكما قالوا: لا يجوز صرف الزكاة للاستعانة بها على الحج لأن الله فرضه على المستطيع فقط، قالوا: لا يجوز صرفها من أجل التزويج الذي ندب الله له من يستطيع أن يقوم بمسؤولياته. فقال: “وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ” (النور: 33).

وقال صلى الله عليه وسلم: “يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء” رواه البخاري ومسلم، والباءة هي تكاليف الزواج.

والزواج في هذه الأيام بالذات أخذ صورة مظهرية أكثر منها أدبية ودينية، سواء في المهور الغالية أو الأثاث الفاخر أو حفلات الزفاف وما إليها، فلا ينبغي أن توجه الزكاة إليها، وفي المجتمع حالات هي أحوج ما تكون إليها، روى مسلم: أن رجلا تزوج على صداق قدره أربع أواق لا يستطيع دفعها، فذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستعفيه، ومعلوم أنه صلى الله عليه وسلم في حالته الخاصة لا يمكنه أن يساعده بمثل هذا القدر، وليس في مال المسلمين حق يعين هذا الرجل.. فقال له مستنكرا: “كأنما تنحتون الفضة من عرض هذا الجبل، ما عندنا ما نعطيك، لكن عسى أن نبعثك في بعث تصيب منه”.

ولو كان الفتى أو الفتاة لا يتحمل أحدهما الانتظار إلى وقت اليسار وجب أن يتزوج بقدر يناسب وضعه الذي هو فيه، مادام يقصد الخير من العفة والشرف ولا يعدم أي مجتمع أن يكون فيه من يحقق له غرضه، فالخير موجود في المسلمين إلى يوم القيامة.

وإذا كانت للزكاة مصارف متعددة فينبغي مراعاة الأولوية فيها، والمسلمون كأمة واحدة يجب أن يتضامنوا في تحقيق الخير ودفع الشر، وفيهم الآن من هم في أشد الحاجة للعون الذي يحفظ كرامتهم كآدميين ومسلمين، فأولى أن تدفع الزكاة إليهم، والله أعلم.