مدونة نظام اون لاين

النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: ثابت بن قيس خطيب الرسول

  1. #1
    كبآآر الشخصيآت

    تاريخ التسجيل
    Mar 2005
    الدولة
    عـا ( الأحاسيس ) لـم
    المشاركات
    39,241
    معدل تقييم المستوى
    40

    Love ثابت بن قيس خطيب الرسول

    كان النبي صلى الله عليه وسلم يختار لكل مهمة من المهمات الأفضل والأكفأ والأقدر على أدائها في الوقت المطلوب وبالطريقة المناسبة، وكان صحابته رضوان الله عليهم يتنافسون ويتبارون في القرب من رسول الله عليه الصلاة والسلام والتعلم منه والاستجابة لما يأمرهم به ويطلبه منهم، وكانوا في أغلب الأحوال متعددي المواهب والقدرات.

    وإن من عجائب الإسلام التي لا تنفد، ومن روائع رسوله التي لا تحد، أنك تجد الصحابي، مهاجرا كان أم أنصاريا، يمشي في الأسواق أو يحضر المجالس فلا تكاد تسمع له همسا: فإذا رأيته في ساحة الوغى رأيت أسدا جسورا لا يهاب الموت، بل يطلب الشهادة ويسعى إليها سعيا، وترى من ينفق جل ماله في سبيل الله حتى لا يكاد يبقي لأهله شيئا، فإذا جد الجد ودعا داعي القتال رأيته يبادر إلى حمل سلاحه والتسابق للدفاع عن دين الله.

    وكان للنبي صلى الله عليه وسلم رجال يعتمد عليهم في معركة الكلمة، وآخرون يعتمد عليهم في معركة السيف، ورجال يعتمد عليهم في مختلف الميادين وشتى المعارك.

    وكان أحد هؤلاء الرجال هو ثابت بن قيس بن شماس الخزرجي الأنصاري الذي كان خطيب الأنصار المبرز ومحدثهم المفوه قبل الإسلام، ثم صار خطيب الإسلام، ثم اختصه رسول الله صلى الله عليه وسلم فصار خطيبه.

    كان رضي الله عنه يجمع المواهب التي قل أن تجتمع لرجل: كان جهير الصوت قوي الحجة كاتبا ومتحدثا فصيح اللسان بليغ البيان، حباه الله تعالى لسانا قؤولا وقلبا عقولا ولسانا بليغا، وذللت له قطوف البيان تذليلا، يدرك ما يقول في مواقف الكلام، ويعرف مكان المقاتل في ضرب الحسام.

    كان إسلامه مبكرا، فقد سمع بالمبعوث الذي جاء من مكة وأقام في بيت اسعد بن زرارة يبشر بدين جديد ويدعو لترك عبادة الأصنام والأوثان، فبادر بالذهاب إلى بيت اسعد حيث سمع مصعب بن عمير يرتل القرآن، وكانت الكلمات تصدر من قلبه قبل لسانه، وكانت تتخذ سبيلها برقة ويسر إلى قلب ثابت ووجدانه، فانبعث ينطق بالشهادة وينضوي تحت راية الإسلام، وكان إسلامه سببا في إسلام أمه “كبشة بنت واقد”، وكذلك “حبيبة بنت سهل” التي كان إسلامها سببا في زواجه منها.

    نفس أوابة

    وحين قدم النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة مهاجرا، كان ثابت بن قيس في طليعة مستقبليه، وعندما سمع النبي منه ورأى ما رأى من فصاحته وقدرة حجته وبلاغة بيانه اختاره خطيبا له، وجمع ثابت بين شهود المشاهد كلها مع النبي صلى الله عليه وسلم بدءا من غزوة أو موقعة احد، إلى أن لحق النبي بالرفيق الأعلى، وبين الخطابة والذود عن الدين، وبجهود ثابت وإخوانه تحت راية النبي صلى الله عليه وسلم انتصر المسلمون في معركة اللسان والبيان كما ربحوا معركة الرمح والسنان.

    وكان مع قوة شكيمته وعلو حجته ذا نفس أوابة وقلب مخبت خاشع وروح شفافة، كان رجلا قرآنيا من أكثر المسلمين وجلا وحياء من الله سبحانه وتعالى، فعندما نزلت الآية الكريمة “إِن اللهَ لَا يُحِب كُل مُخْتَالٍ فَخُورٍ” (لقمان: 18) اعتكف ثابت في داره وأغلق عليه بابه وجلس يبكي، وافتقده النبي صلى الله عليه وسلم فبعث من يطلبه، فلما جاء سأله النبي عما به، فقال ثابت: يا رسول الله إني أخشى أن أكون هلكت، ينهانا الله أن نحب أن نحمد بما لا نفعل وأجدني أحب الحمد، وينهانا الله عن الخيلاء وإني امرؤ أحب الجمال، وينهانا الله عن أن نرفع أصواتنا فوق صوتك، وأنا رجل رفيع الصوت.

    فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: “يا ثابت أما ترضى أن تعيش حميدا وتقتل شهيدا وتدخل الجنة” فكانت هذه بشارة من النبي له بدخول الجنة.

    ولما نزل قوله تعالى “يَا أَيهَا الذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النبِي وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ” (الحجرات: 2)، أغلق ثابت على نفسه باب بيته واعتزل الناس ومضى يبكى.

    وبعث النبي صلى الله عليه وسلم من يدعوه إليه، ولما سأله عن سبب غيابه عن مجلسه قال: يا رسول الله إني امرؤ جهير الصوت وقد كنت أرفع صوتي فوق صوتك، وإذن فقد حبط عملي وأنا من أهل النار.

    فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم: “إنك لست منهم بل تعيش حميدا وتقتل شهيدا ويدخلك الله الجنة”، فكانت تلك بشارة ثانية من النبي صلى الله عليه وسلم، وما أعظم أن يتلقى امرؤ بشارتين بالجنة من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    تشريع الخلع

    كان ثابت يحب دينه ويحب نبيه عليه أفضل الصلاة والسلام، عندما رزق بابنه الأول هرول به إلى النبي فحنكه بثمرة عجوة وسماه محمدا ودعا له، ورزقه الله ثلاثة أبناء استشهدوا جميعا في سبيل الله.

    ولثابت قصة كانت سببا في نزول آيات من القرآن الكريم وتشريع الخلع، فقد ذهبت زوجته حبيبة بنت سهل إلى النبي صلى الله عليه وسلم تشتكي من كراهتها له، ولا تعيب عليه في خَلق ولا في خُلق، وكان قد أمهرها حديقة، فسألها النبي “أتردين عليه الحديقة؟” فأجابت بالإيجاب، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بأن يطلقها تطليقة، فأقامت في أهلها فترة من الزمن ثم تزوجها أبي بن كعب رضي الله عنه.

    وبعد فتح مكة المكرمة وعودة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة منتصرا؛ بدأت وفود العرب تتوافد على المدينة فرادى وجماعات يصالحون ويدخلون في الإسلام أفواجا، وتحقق وعد الله عز وجل: “إِذَا جَاء نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ، وَرَأَيْتَ الناسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْوَاجاً، فَسَبحْ بِحَمْدِ رَبكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنهُ كَانَ تَواباً” (النصر 1 3).

    بلاغة وشهامة

    وجاء وفد بني تميم وقال بعضهم: جئنا نفاخرك فأذن لشاعرنا وخطيبنا، فابتسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: “قد أذنت لخطيبكم فليقل”.

    وقام خطيبهم، وهو عطارد بن حاجب، فراح يزهو بمفاخر قومه، حتى إذا انتهى قال النبي صلى الله عليه وسلم لثابت بن قيس “قم فأجبه”، فقام ثابت فقال: “الحمد الله الذي السماوات والأرض خلقه، قضى فيهن أمره، ووسع كرسيه علمه، ولم يك شيء قط إلا من فضله، ثم كان من قدرته، أن جعلنا أئمة، واصطفى من خير خلقه رسولا، أكرمهم نسبا، وأصدقهم حديثا، وأفضلهم حسبا، فأنزل عليه كتابه، وائتمنه على خلقه، فكان خيرة الله من العالمين، ثم دعا الناس إلى الإيمان به، فآمن به المهاجرون من قومه وذوي رحمه أكرم الناس أحسابا وخيرهم فعالا”.

    وبهذه الفصاحة وذلك البيان صار ثابت بن قيس عضوا بارزا في قافلة الذود عن الإسلام باللسان، وهي القافلة التي ضمت حسان بن ثابت وعبد الله بن رواحة وغيرهم من المبرزين في ميدان المبارزة بالكلمة.

    والى كل هذه الصفات كان من صفات ثابت الكرم والشهامة وإقراء الضيف حتى ولو على حساب نفسه وأهله، ومما يروى عنه أنه استضاف احد ضيوف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما ذهب به إلى بيته وسأل زوجته عما يملك أن يقدمه لضيفه لم يجد إلا القليل القليل، فقدما ما لديهما للضيف وأطفأ السراج حتى يأكل الضيف، بينما بات هو زوجته وأولاده جياعا.

    وفي موقف آخر يبدو الوفاء والإقرار بالمعروف والمحافظة على العهد، فقد كان لا ينسى معروفا قدم إليه ولو من كافر، فقد أجار احد يهود بني قريظة في غزوة بني قريظة، ثم وهبه أهله وأولاده وماله، فسأله اليهودي عن كعب بن أسد سيد بني قريظة، وحيي بن أخطب من كبار يهود بني قريظة، وعن غيرهما وعن المجالس والناس، فلما علم اليهودي بمقتلهم جميعا قال لثابت: أسألك الله وبيدي عندك أي جميل سابق لي عليك إلا ألحقتني بالقوم، فوالله ما في العيش بعد هؤلاء من خير، فما أنا بصابر لله، حتى ألقى الأحبة.

    فقدمه ثابت فضرب عنقه بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما بلغ أبا بكر رضي الله عنه ما قاله اليهودي “ألقى الأحبة” قال: يلقاهم والله في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا.

    وأد الفتنة

    وعاش ثابت بن قيس ليشهد المحنة التي ألمت بالمسلمين بوفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم والتي لم يخرجهم منها سوى موقف أبي بكر رضي الله عنه حين ذكّر المسلمين بقوله الله عز وجل: “وَمَا مُحَمدٌ إِلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرسُلُ أَفَإِن ماتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُر اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشاكِرِينَ” (آل عمران: 144)، ثم قولته المشهورة التي حفظها التاريخ: “من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت”.

    وساعد على اجتياز هذه المحنة أيضا موقف كبار الصحابة من الأنصار من أمثال أسيد بن حضير وسعد بن عبادة وغيرهما ممن أبوا أن يكون اختيار الخليفة محل نزاع بين المهاجرين والأنصار، ووافقوا على أن تكون الخلافة في المهاجرين فتم اختيار أبي بكر وأخمدت شرارة الفتنة في مهدها.

    وكان على المسلمين بعد أن تجاوزوا هذه الفتنة أن يواجهوا فتنة اكبر هي فتنة الردة، فقد ارتد كثير من العرب عن الإسلام ومنعوا الزكاة، وظهر بينهم الكذبة وأدعياء النبوة، يمنونهم الأماني الكاذبة، ويتقولون على الله وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم الأقاويل، وكان على رأس هؤلاء مسيلمة الكذاب الذي التف حوله خلق كثير، وكثير منهم كانوا من زعماء القبائل وصناديد العرب.

    ولم يكن أمام الخليفة أبي بكر رضي الله عنه إلا أن يقابل هذه الفتنة بكل حزم وقوة، وان يجند لحرب هؤلاء المرتدين كل قوى الإيمان والحق، وألا تأخذه في الله لومة لائم.

    وأسند أبو بكر قيادة جيش المسلمين لواحد من صناديدهم الشجعان ذوي الخبرة والحنكة، وكانت معركة اليمامة: المعركة الفاصلة بين الحق والباطل وبين الإيمان والكفر، وبين الأمة الوليدة والجحافل الجاهلية.

    والتقى الجيشان في معركة ضارية، وكان ثابت بن قيس في جيش خالد بن الوليد، فأبلى بلاء حسنا وصار يصول ويجول ويعمل سيفه في أعداء الله، وبدا في الجولة الأولى أن الكفة تميل لصالح المرتدين بسبب اختلال ميزان القوى المادية بين الجيشين.

    وهنا انبرى ثابت بن قيس ومعه سالم مولى أبي حذيفة إلى مقدمة الجيش، ونادى في المنكشفين عن مواقعهم بقوله: يا أبطال الإسلام يا جنود الرحمن، ما هكذا كنا نقاتل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم حفر كل واحد منهما حفرة فثبت فيها، وقاتلا حتى قتلا بعد أن فتحا ثغرة في صفوف الأعداء نفذ منها فرسان الإسلام إلى قلب الأعداء، وكانت دماؤهم التي سالت على ارض المعركة بداية النصر المؤزر من الله عز وجل لمن خرجوا من ديارهم وتركوا أهلهم وأبناءهم وأموالهم لا يرجون إلا إعلاء كلمته ونشر دينه، وبفضل هذه الدماء الذكية وقبل ذلك ومعه وبعده بتوفيق الله عز وجل بنصره، تحقق النصر ودُحِر المرتدون.

    رحم الله ثابت بن قيس ورضي عنه وعن كل الصحابة الكرام.

  2. #2
    ... V I P...


    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    الدولة
    الـــريـ K.S.A ـــاض
    المشاركات
    3,152
    معدل تقييم المستوى
    4

    افتراضي

    جزاك الله خير اخوي عبدالعزيز وكتب ربي لك الا جر والمثوبه على ما تقدمه لنا من جديد ومفيد
    دمتم بكل ود واحترام

  3. #3
    مشرفه سابقه

    تاريخ التسجيل
    May 2005
    المشاركات
    7,935
    معدل تقييم المستوى
    8

    افتراضي




    اثابك الله اخي حبيبتي على طرحك الرائع والمميز

    الله يعطيك الف عافيه

    ويحعله اللهم في موازين حسناتك

    دمتم في حفظ الرحمن

  4. #4
    كبآآر الشخصيآت

    تاريخ التسجيل
    Mar 2005
    الدولة
    عـا ( الأحاسيس ) لـم
    المشاركات
    39,241
    معدل تقييم المستوى
    40

    افتراضي

    امير القلوب

    وعـد

    ربي يحفظكم ويسعدكم

    أشكركم من كل قلبي

    وجودكم الطيب أنار صفحتي

    ربي ما يحرمني منكم يالغالين

    دمتم بحفظ لله

المواضيع المتشابهه

  1. ؛•الآ حـــبــكــ ثابت دوم عندي (صور وبس) • ؛
    بواسطة وحي الشوق في المنتدى الارشيف
    مشاركات: 18
    آخر مشاركة: 11-02-2010, 03:18 AM
  2. [ ثابت على قيمي ] .. تصميم دِعائي
    بواسطة Clouds في المنتدى الارشيف
    مشاركات: 17
    آخر مشاركة: 10-09-2008, 08:54 AM
  3. ابغى بحث عن حسان بن ثابت
    بواسطة وليفة الروح في المنتدى الارشيف
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 04-03-2008, 04:41 AM
  4. مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 09-10-2007, 05:52 AM
  5. هاتف ثابت ومتحرك في نفس الوقت
    بواسطة حبيبتي حطمتني في المنتدى الارشيف
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 09-07-2006, 12:02 PM

مواقع النشر (المفضلة)

مواقع النشر (المفضلة)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •