شهد أواخر القرن التاسع عشر ولادة خمسة أخوة في منطقة لومباردي شمال ايطاليا، انه حدث عادي لا يحسب في التاريخ، إلا أن هؤلاء الاخوة كانوا يحملون اسماً سيصبح علامة على أحد أهم أساطير صناعة السيارات في التاريخ، فالاخوة مازيراتي بيندو وماريو واتور وارنستو وألفيري والأخ الأكبر والأهم كارلوس مازيراتي صنعوا “مازاراتي تيبو 26” وصنعوا بها اسطورتهم كواحدة من أشهر عائلات تاريخ صناعة السيارات.
كان كارلوس أول من اهتم من اخوته بسباق السيارات، وبدأ مشواره المهني في شركة “فيات” ثم انتقل بعدها للعمل لدى رائدي صناعة السيارات الايطالية “سيزار ايزوتا” و”فينشنسو فراسيني” وبحلول العشرينات من القرن الماضي تلقى الاخوة عرضاً للعمل لدى صانع سيارات السباق الايطالي الشهير شركة “دياتو” والتي شهدت وقتها نشاطاً محموماً للتمكن من منافسة ألفاروميو، وعلى الرغم من قصر عمر العلاقة ما بين مازيراتي وديتو فإن ال مازيراتي تحصلوا بتلك العلاقة على خبرة ومعرفة لا تقدر بثمن خلال عملهم في تطوير المحركات فائقة الشحن والمحركات ذات الاسطوانات الثماني المصفوفة بخط واحد، وغني عن القول إن تلك المعرفة والخبرة لعبت دوراً حيوياً في صنع “تيبو 26 ام جراند بريكس” التي عرضت للمرة الأولى في أبريل/ نيسان عام 1926 في أحد السباقات المحلية وقادها أصغر الاخوة ألفيري مازيراتي ليحتل المركز التاسع والمركز الأول بالنسبة لفئة جراند بريكس التي تنتمي اليها السيارة.
وخلال سباق “جراند بريكس” الايطالي انسحبت سيارتان من طراز تيبو من المنافسة بسبب أعطال في نظام التزييت المتردد. وتم تعديل تصميم المحرك لتلافي تلك العيوب، واشترك الاخوة مازيراتي في سباق عام 1927 وزودوا سياراتهم بمحركات محسنة مع مبرد جديد ونظام أحدث لتزييت المحرك لكن العائلة الطموحة واجهت عقبة جديدة إذ اعتبر عام 1927 آخر انعقاد لسباقات سيارات جراند بريكس ما يعني ان السيارة مازيراتي تيبو التي تحمل محركاً بحجم 1،5 ليتر لن تعود مؤهلة للاشتراك في السباقات.
وتجاوز الفريق المعضلة بزيادة حجم المحرك ليبلغ ليترين وهو حجم جعل السيارة مؤهلة مرة أخرى للمنافسة في السباقات.
والحقيقة ان انتاج الموديل الجديد بالمحرك الأكبر سعة “مازاراتي تيبو 26 بي” لم يستمر سوى لفترة وجيزة في أواخر عشرينات القرن العشرين مع بناء سبعة فقط من هذا الموديل واعتبرت مجرد تابع للموديل شديد النجاح والتنافسية ذو المحرك سعة 1،5 ليتر، والذي أثبت جدارته بسباقات عديدة.
ويعود هذا النجاح إلى المحرك فائق الشحن الذي ينتج قوة تتجاوز 150 حصاناً مع جسمه المصنوع من الألمنيوم واطاره المصنوع من الصلب كان هذا المحرك قادراً على الوصول بالسيارة لسرعات تتجاوز 130 ميلاً بالساعة، وزودت السيارة الخلفية الدفع بصندوق تروس يدوي بأربع سرعات، أما مسؤولية ايقاف اندفاع تلك القوة فتقوم به كوابح ميكانيكية قرصية الشكل اعتبرت حديثة جداً وقتها، واستمرت “تيبو 26” في التطور عبر السنوات طبعاً مع التفاوت في مواصفات وأداء كل سيارة، وشاركت في السباقات المحلية والعالمية، وعادة ما كانت النماذج المخصصة للسباقات تزود بمحركات فائقة الأداء وهياكل خفيفة الوزن وفي الوقت نفسه عادة ما أنتجت السيارات المخصصة للطريق بصندوق تروس ثلاثي السرعات من صنع “دياتو”.
ربما لا تبدو تيبو بمظهر جذاب مبهر للبصر. وتفتقد المظهر المصقول للسيارات الرياضية وسيارات السباق التي أنتجتها مازيراتي فيما بعد، إلا أنها كانت شهادة للعبقرية الميكانيكية للاخوة مازيراتي وشهادة ميلاد لاسطورة في صناعة السيارات الفائقة.
مواقع النشر (المفضلة)