الحياة كما نراها
الحياة حلوة أو مرّة.. صافية أويسودها الكدر.. جميلة أوقبيحة.. ترفرف على جوانبها السعادة والأنس والحبور.. أم يظللها الشقاء والبؤس والتعاسة، الحياة عالم كبير لاحدود له.. تكتنفها الأسرار.. والناس فيها متباينون إلى ما لانهاية.. فهذا التباين والاختلاف يفرق بينهم فمنهم غني وفقير.. شقي وسعيد.. صحيح ومريض.. عالم وجاهل.. عامل وعاطل.. متفائل ومتشائم.. مشهور ومغمور.. الخ .
الحياة فلسفة لانهاية لها.. تكثر الأسئلة والإجابات حولها.. ولكنها لاتتوقف أبدا.. بيد أن النظر للحياة يتوقف فقط علينا نحن البشر فكيف نرى الحياة؟.
هناك من ينظر إلي الحياة عبر نظارة سوداء قاتمة وما هي لدى البعض سوى رحلة من العذابات المتواصلة والمعاناة المستمرة التي يتمنى نهايتها عبر رؤية تشاؤمية محضة قد تبخس الحياة كثيرا من جمالياتها ورونقها،ويقول الشاعر "زهير بن أبي سلمى":
سئمت تكاليف الحياة ومن يعش
ثمانين حولاً لا أبا لك يسئم
وقول "رهين المحبسين":
تعب كلها الحياة فما أعجب
إلا من راغب في ازدياد
كلها تندرج في منظومة الرؤية التشاؤمية للحياة.. وتعكير صفوها.. والخربشة على تلك اللوحة الجميلة وخدش مباهجها.. وقد تعبرعن النظرة الأحادية المرتبطة بظرفي الزمان والمكان.
في المقابل هناك من ينظر إلى الحياة بكل تفاؤل وطموح وأمل.. حياة عامرة بالابتسامة الصادقة.. والكلمات الحلوة.. والعطاء بلا حدود دون انتظار المردود.. حتى صار هؤلاء الناس كالشموع المضيئة لتنير دروب الحياة للأخرين، وكالعلاج لأمراضهم، مثلما قال أبوماضي:
كن بلسما إن صاردهرك أرقما
وحلاوة إن صار غيرك علقما
إن الحياة حبتك كل كنوزها
لاتبخلن على الحياة ببعض ما
إذا فكرت في نفسك فقط فلن يفكر فيك أحد.. واذا أحببت الناس جميعا أحبوك.. وإذا أحسست بهم أحسوا بك.. وهكذا ستشعر دائما أنك لست وحدك.. الدنيا كلها معك لأنك معها.
كن جميلاً ترى الوجود جميلا
قد تجمع الحياة كل المتناقضات.. وقد تحل فيها بعض المنغصات والمكدرات.. لكن تبقى الحياة حلوة في جوانب كثيرة منها.. وتدعونا للاستمتاع بتلك اللحظات الجميلة.. ومتعة الحياة الحقيقية بالحب الصادق.. والعطاء للآخرين بلا حدود.. ونبذ الذات.. والرضا والقناعة بما قدر الله، فالدنيا كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم حلوة خضرة.
وتبقى حلاوة الحياة مرتبطة بوجود الهدف الذي يسعى الإنسان لتحقيقه في أي مجال من مجالاتها المختلفة.. مما يجعله مستمتعا بحاضره مع الأمل الكبير بغد مشرق.. متسلحا بالثقة بالله والطموح المتجدد بتحقيق الهدف وتغيير نمط الحياة للأفضل.
قد نرى الحياة كئيبة مملة مليئة بالمنغصات لاتستحق منا الاهتمام فتنقلب أحوالنا رأسا على عقب، وقد نراها
جميلة مشرقة متجددة فنعيشها في سعادة وراحة بال "فالحياة كما نراها".
مواقع النشر (المفضلة)