كل هدف نبيل وجميل وخير وأخلاقي يجب أن يكون السبيل والوسيلة إليه كذلك نبيل وجميل وعن حق وفضيلة وسمو أخلاقي.. فلا تروقني عبارة "ان الغاية تبرر الوسيلة" فهي مقولة ثبت في عصرنا الحالي أنها تنطوي علي خبث وشر.. فكثير من يتوقون للوصول لقمة الجاه والمال والثروة يتخذون وسائل وسبلا وطرقا غير شريفة رغم أن الهدف في رأيي نبيل وخيّر إذا ما نظرنا له من الوجهة الأخلاقية الصحيحة التي تنطوي علي خدمة الناس واسعادهم.. ويندهش المرء عندما يجد أن معظم الناس حالياً يتخذون طرقاً وأساليب ملتوية لا أخلاقية تتعارض مع الهدف المرجو الوصول إليه.. فتحقيق الحلم والطموح بكثير من الكفاح والعرق والكد والسير في الوعر.. وإذا اصيب المرء بالفشل مرة في تحقيق طموحاته وأهدافه العلمية والعملية.. لا يجب عليه أن يخلع أو يتخلي عن ثوب الفضيلة والأخلاق النبيلة وشرف التعامل.. فحتماً إن من يفشل مرة فسوف ينجح في المرات القادمة.. فكم قضايا الفساد والنصب والتحايل والخداع والغش والتدليس التي تزكم الأنف وتعمي الأعين عند مطالعتها وتتبعها تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك والريب أن الفساد الأخلاقي أصبح ظاهرة عامة مقلقة للغاية وحول الحياة الإنسانية إلي غابة حيوانية يصعب علي الإنسان أن يعيش في هكذا غابة.. فمعظم شباب هذه الأيام يتعجل تحقيق الثراء والسلطة والقوة ولا يترك المجال لذاته في أن تكدح وتصبر وتعرق.. فنسبة من الأثرياء الشباب هذه الأيام لا يعرف للكفاح معني واستسهلوا الطريق والوسيلة للثراء والكسب غير المشروع ومن يتجنب ذلك يوصم بعدم النضوج وبالفشل.. والسبب في ذلك أن الكبار وأصحاب النفوذ شجعوا علي ذلك الأمر والفعل القبيح حيث كان من المفترض في هؤلاء الكبار أنهم قدوة ورموز يقتدي بهم لكنهم بطبيعة الحال سلكوا سلوكاً مقيتاً في الوصول إلي القمة التي كان يجب أن يصل إليها فقط الشرفاء والمكدون وأصحاب الضمائر الحية والأيادي البيضاء.. فحينما يسير المرء في الشارع يصطدم بسلوكيات الأثرياء الطفيليين الذين يستفزون أصحاب الدخل المحدود والمحتاجين الذين ينتقل إليهم احساس الاقتداء بهم حتي لو كانت الوسيلة غير شريفة.. المهم هو الثراء فقط والاحتكاك بالأثرياء.. نعم الثراء هدف جميل وطموح مرغوب لكن لا ينبغي أن تكون الوسيلة إليه قبيحة وبسلوك رذيل.. صور الفساد في الماضي كانت تنحصر في غش الحليب بالماء أو خلط بعض النحاس بالذهب أو زيادة الوزن بوضع ما يثقل الميزان لصالح التاجر الغشاش.. لكن صور الفساد الأن تغيرت وصارت أكثر قبيحاً وبشاعة وتوحشاً وتتقطر بدماء الأبرياء وعلي حساب صحة الناس.. فلم يعد مهماً أن يموت كثير من الناس لأجل ثراء فرد جشع.. حتي أن الرضع والأطفال والعجائز والمرضي لم يسلموا من أذي هذا الجشع المتعجل الثراء.. فيستورد حليب الرضع والأطفال المنتهي الصلاحية أو المغشوش بمواد غير صحية والملوث وكذلك الأدوية المميتة ووصل الأمر لسرقة أعضاء الناس البسطاء دون ارادتهم.. الفساد طال جميع الفئات.. وقلة فقط من الأثرياء الذين يكدون ويكافحون بشرف لتحقيق مآربهم وأهدافهم في الجاه والمال والسلطة وليتنا نشجعهم ونقتدي بهم.. أما البقية من الأثرياء وهم كثرة ضربهم الفساد من كل جانب.. الجميع أصبح يبحث عن الثراء والسلطة.. لكن كيف؟.. أعتقد أنه غير مهم في رأيهم.. الأهم هو العيش في رغد وسعة والتقلب في فراش السلطة متوشحين برداء القوة.. ولا يهم أنات رضيع أو صرخات امرأة أو تأوهات مريض مسكين لا يقوي علي دفع الأذي والضر.

موجز:

مقولة ان الغاية تبرر الوسيلة قيلت في مرحلة زمنية سابقة دامت حتي هذه اللحظة وستدوم علي مر التاريخ وحتي انتهاء الحياة تنتقل كالشرر من جيل إلي جيل ومن لسان إلي آخر ومن مجتمع لآخر ومن الغرب إلي الشرق ومن الشمال إلي الجنوب.