توفي والد عائشة بعد معاناة مع مرض السرطان، وتركها بمفردها مع شقيقيها القاسيين، فقبل وفاته بعدة أعوام انتقلت والدتها الى بارئها ونضب بموتها نهر الحنان في المنزل. صحيح ان والدها استطاع ان يعوضها بعضا من الحنان الذي فقدته بموت والدتها، لكنه سرعان ما أصيب بمرض السرطان اللعين الذي اصابه وأصابها هي الأخرى في مقتل.
كانت عائشة تدعو ربها كل ليلة ان يحفظ والدها ويطيل في عمره من اجلها، لأنها كانت تخشى اذلال شقيقيها لها بعد رحيله، خاصة انهما قاسيا القلب، ولا يحملان لها أي حب أو مشاعر أخوة جميلة. وفعلا لقيت ما توقعته من شقيقها بعد وفاة والدهما، فقد حولا حياتها الى مسلسل من العذاب بدأ بمحاولتهما الاستيلاء على المنزل لبيعه والاستفادة من ثمنه. وعندما رفضت عائشة الموافقة على البيع اعتديا عليها بالضرب المبرح، وأذاقاها العذاب والويل لاجبارها على الموافقة. وتكررت اعتداءاتهما بسبب ومن دون سبب، ولم يكتفيا بالضرب والاهانة والاذلال، بل سجناها داخل غرفتها لادخال الرعب في قلبها، ولاجبارها على الموافقة على بيع المنزل.
لم يرحما توسلاتها أو بكاءها حتى الطعام منعاه عنها ليوم كامل، الى ان فكا عنها الحبس الانفرادي، واستخداما اسلوبا آخر من المحايلة والمسايسة.
فقد ابلغها شقيقها الأكبر ذات يوم أن أحد أصدقائه تقدم للزواج بها، وتوقع ان تفرح عائشة بهذا الخبر، خاصة انها تجاوزت الثلاثين من عمرها ولم تتزوج. لكن عائشة الذكية اكتشفت منذ الوهلة الأولى ان شقيقها يستخدم هذا الاسلوب الرخيص لانتزاع موافقتها على بيع المنزل، فرفضت بالطبع. وأمام اصرارها هذا عاد شقيقاها الى تعذيبها من جديد وتناوبا على الاعتداء عليها بالضرب المبرح، ثم اغلقا غرفتها عليها وحبساها بداخلها.
لم تجد عائشة وسيلة للخلاص من هذا العذاب واذلال شقيقيها سوى ان تلقي بنفسها من الدور الثاني هربا من العذاب. وفعلت.. فقفزت من نافذة غرفتها لتسقط على الأرض غارقة في دمائها.
اجتمع الجيران واستدعوا الاسعاف التي نقلتها الى المستشفى، وهناك ادخلت العناية المركزة لتعرضها لكسور مضاعفة في أنحاء متفرقة من جسدها. بدأ رجال الشرطة التحقيق وسألوا الجيران، فأبلغوهم انهم يسمعون دائما المشاجرات بينها وبين شقيقيها اللذين يعتديان عليها بالضرب.
بسؤال شقيقيها أنكرا في البداية، لكن بالضغط عليهما وبمواجهتهما بشهادة الشهود، اعترفا بما اقترفاه تجاه شقيقتهما المسكينة التي ترقد في العناية المركزة بين الحياة والموت. وقدما الى المحاكمة بتهمة الحاق الأذى البليغ بشقيقتهما. وأصدرت المحكمة حكما عليهما بالسجن سبع سنوات لكل منهما مع الشغل والنفاذ.
مواقع النشر (المفضلة)