توحيد الأذان بالتحكم الآلي عمل غير مشروع
الأذان لكل وقت وفي كل مسجد.. هو ما توارثته الأمة ودرجت عليه
فكرة تسجيل أنواع واصوات من الاذان الكترونيا التي اقترحتها اخيرا بعض الدول الاسلامية والعربية وتخزينها في ملفات الكترونية خاصة، ثم اختيار الاذان المطلوب، وبثه اذاعيا حسب اوقات الصلاة بواسطة اجهزة ترتبط مع شبكة المكبرات والموزعات الصوتية الموجودة داخل المساجد، عمل جديد، وقضية مستحدثة قد تستهوي بعض الناس، لاشتمالها على توحيد الاذان في البلد، وتخير الاصوات الندية للتأذين، وتحديد اوقات الاذان بواسطة جهاز الحاسب الالكتروني، ولكن ما الحكم الشرعي لهذا العمل، يقول الدكتور عجيل النشمي:
هناك سلبيات ومحاذير شرعية لتوحيد الاذان عبرالاجهزة الحديثة، منها:
اولا - إن المطلوب في الشرع هو انشاء الاذان والقيام بعملية التأذين فعلا، وهذا البث الالكتروني انما هو صدى للتأذين، وليس هو الاذان الفعلي المطلوب في الشرع.
فكما ان المطلوب شرعا هو ان يؤدي المسلمون الصلاة فعلا، لا ان توجد مجرد صلاة، كذلك المطلوب هو ان يؤذن كل جمع من المصلين قبل صلاتهم فعلا، لا ان يكون هناك مجرد اذان او صدى تأذين، لان الاذان عبادة لا بد فيها من قصد التعبد، وهو لا يحصل من الآلة.
ثانيا: ان الاذان سنة للصلاة وشعيرة من شعائر الدين تتقدم الصلاة فعلا، ويؤذن للصلاة نفسها بعض المصلين انفسهم، بل الافضل عند الحنفية ان يكون الامام هو المؤذن، كما كان عليه ابو حنيفة - رحمه الله تعالى - كما ذكر ذلك الكمال في فتح القدير واذاعة الاذان الواحد المذكورة بواسطة الاجهزة يخلي الصلاة من هذه الشعيرة، لانه كما ذكرنا ليس تأذينا فعلا، بل هو صدى. ولهذا يأثم اهل المنطقة بذلك، ويرتكبون الكراهة بسبب ترك سنة الهدى التي اشار اليها الامام ابو حنيفة بقوله: 'لو اجتمع اهل بلدة على تركه قاتلتهم، ولو تركه واحد ضربته وحبسته'.
ثالثا: ان هذا الاسلوب المقترح للاذان - لو سلمنا بشرعيته - يحصر فضله في مؤذن واحد، بل قد يفقد المؤذن مطلقا اذا كان تشغيل الجهاز اتوماتيكيا كاملا، ويحرم كثير من المؤذنين من فضل الاذان العظيم، وقد صرحت به احاديث وآثار كثيرة نذكر منها:
حديث: 'لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا انس ولا شيء الا شهد له يوم القيامة' رواه البخاري.وحديث: 'المؤذنون اطول الناس اعناقا يوم القيامة' رواه مسلم.
وحديث: 'لو يعلم الناس ما في النداء والصف الاول ثم لم يجدوا الا ان يستهموا عليه لاستهموا عليه...' متفق عليه، ومعناه لتنافسوا حتى يجروا القرعة للفوز عليه، بل لقد تمنى عمر رضي الله تعالى عنه ان يكون هو المؤذن، وقال: لولا الخلافة لأذنت.
الجهاز لا حياة فيه
انه يفوت على الناس سنة مأثورة مشهورة، وهي ان يقيم للصلاة من اذن لها، كما روي في الحديث: 'من اذن فهو يقيم' وهو حديث فيه ضعف، لكن عليه يحيل الفقهاء، وقد روي ان النبي صلى الله عليه وسلم اذن في سفر بنفسه واقام وصلى الظهر.
ان المأثور في اذان الجمعة ان يكون ابتداؤه حين يجلس الامام على المنبر، فلو اريد تطبيق هذا النظام بصورة شاملة لما تأتى ضبط تلك اللحظة في كل المساجد، فقد يتأخر الامام في جلوسه وقد يتقدم، والسنة ان يؤذن بين يدي الخطيب، ولا يقوم الجهاز مقامه بين يديه.
هناك فرق واضح بين ان يسمع المصلون الاذان من مؤذن من بينهم يرونه وهو يردد كلمات الاذان ويضفي عليها من نفسه وروحه، وبين ان يسمعوا الاذان من جهاز آلي. لا حركة فيه ولا حياة، وذلك كالفرق بين الحي والميت.
ان ربط هذه الشعيرة العظيمة، المشروعة للصلاة - وكأنها بنفسها هي صلاة - بهذه الاجهزة فيه تعريضها للاضطراب والفوضى كلما لحق الاجهزة خلل او مسها سوء، بمقدار ما فيه من استهواء توحيد الاذان، وتحديد مواقيت الصلاة وتخير الاصوات الندية، ومن اجل ذلك كله ترى لجنة الفتوى بوزارة الاوقاف عدم شرعية استخدام هذا النظام المقترح للتأذين الموحد واستمرار العمل على ماتوارثته الامة.
مواقع النشر (المفضلة)