مدونة نظام اون لاين

النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: أبو أيوب الأنصاري شهيد في التسعين

  1. #1
    كبآآر الشخصيآت

    تاريخ التسجيل
    Mar 2005
    الدولة
    عـا ( الأحاسيس ) لـم
    المشاركات
    39,241
    معدل تقييم المستوى
    40

    Love أبو أيوب الأنصاري شهيد في التسعين

    بشر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه الكرام رضوان الله عليهم بانتصارات كبرى وفتوحات عظمى تتجاوز أحلامهم وآفاق خيالهم. وحذرهم من شرور محيقة وفتن داهمة كقطع الليل المظلم. ولأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى فقد أثبتت الوقائع والأحداث القريبة والبعيدة صدق بشارات النبي وتحذيراته.

    فالانتصارات والفتوحات قد تحققت واحدا وراء آخر، ما جعل دولة الإسلام تمتد من الصين شرقا إلى إسبانيا وفرنسا غربا.. وأما الفتن فقد وقعت وأخذت ولاتزال آخذة بخناق الأمة الإسلامية التي تعاني الآن من الهوان والتخلف العلمي والضعف الاقتصادي والتشرذم السياسي، ما شجع أعداءها وأعداء دينها على الاستهانة بها والتقليل من شأنها والعمل على استغلالها.

    ولو أنصف المسلمون لأخذوا بالأسباب التي حققت لأسلافهم القوة والعزة والمنعة ومكنتهم من فتح البلاد والوصول إلى قلوب العباد بالكلمة الطيبة والعمل الصالح وإشاعة العدل ونشر مفاهيم الحرية والإخاء والمساواة من منطلقات عقيدية راسخة وليس من منطلقات فكرية مشبوهة ومشكوك في حقيقة دوافعها.

    ثلاث بشارات

    بشر النبي صلى الله عليه وسلم بثلاثة فتوحات عظيمة: فتح مصر وفتح فارس. وفتح القسطنطينية عاصمة الدولة البيزنطية. ولعل المتأمل لهذه الفتوحات على وجه الخصوص يسترعي انتباهه أن كل بلد من هذه البلاد يمثل عنصرا متميزا له صفاته وسماته الخاصة. وله حضارة تليدة كان لها إسهاماتها الكبرى في تاريخ الحضارة الإنسانية كلها. كما كان لها اتصالها بالجزيرة العربية وبالعرب من قبل الإسلام. وكانت العلاقة بينها علاقة تفاعل ومد وجزر وتبادل للسيادة والسيطرة. كل هذا جعل لفتح هذه البلاد قيمة عظمى وإضافة كبرى للأمة الإسلامية وللحضارة الإسلامية خصوصا في أوج ازدهارها.

    وكان فتح كل بلد من هذه البلدان فاتحة لمزيد من الفتوحات. فقد أدى فتح فارس إلى فتح آسيا الوسطى والوصول إلى روسيا. وأدى فتح مصر إلى انتشار الإسلام في شمال وغرب ووسط أفريقيا ثم انتقاله من المغرب إلى أسبانيا حتى جنوب فرنسا وأدى فتح القسطنطينية إلى انتشار الإسلام في بلاد الأناضول (تركيا) ومنطقة البلقان كاملة ووصل إلى غرب فرنسا.

    وقد فتحت كل من مصر وبلاد فارس في السنوات القليلة التالية لوفاة النبي صلى الله عليه وسلم. أما القسطنطينية فقد استعصت على جيوش المسلمين نحو ثمانية قرون إلى أن فتحها السلطان محمد بن مراد المعروف باسم السلطان محمد الفاتح عام 1453 ميلادية، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في تبشيره بفتح القسطنطينية: “لتفتحن القسطنطينية وقيل رومية على يد رجل. فلنعم الأمير أميرها ولنعم الجيش ذلك الجيش” (رواه أحمد: 4/235).

    وحين يذكر فتح رومية أو القسطنطينية أو اسطنبول وهو الاسم الحالي للمدينة التي تعد العاصمة الحضارية لتركيا بينما تعد أنقرة هي العاصمة الإدارية والسياسية فلا يمكن أن نمر مرور الكرام على هذا الاسم: أبو أيوب الأنصاري الذي يعد مسجده بها من أهم معالمها الدينية والأثرية والسياحية بالإضافة إلى مسجد أيا صوفيا ومتحف توبكابي ومسجد السلطان أحمد وغيرها من المعالم الإسلامية التي يعتز بها الشعب التركي.

    البيت المبارك

    أبو أيوب الأنصاري الذي استشهد على أبواب القسطنطينية وقد جاوز التسعين عاما هو خالد بن زيد بين كليب البخاري الخزرجي الأنصاري. من بني النجار (وهم أخوال النبي صلى الله عليه وسلم لأبيه). “وهو الذي شرفه النبي عليه أفضل الصلاة والسلام لدى هجرته إلى المدينة المنورة بالنزول ضيفا في بيته لمدة شهر سعد خلاله بخير ما يسعد به إنسان في الوجود. ونال في تخليد الذكر ما لم ينله أهل الكرم والسخاء قاطبة” (الدكتور محمد بكر إسماعيل: رجال أحبهم الرسول وبشرهم بالجنة: ص 231).

    تروي كتب السيرة بإجماع أن أهل المدينة من الأوس والخزرج تسابقوا في استقبال النبي صلى الله عليه وسلم والحفاوة به والسعي لاستضافته. بل حاول البعض منهم قيادة ناقته إلى بيته. فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: “دعوها فإنها مأمورة” ومضت الناقة في طريقها حتى بركت عند بيت هذا الرجل من بني النجار أخوال النبي عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام. ولم يكن ذلك غريبا، فأبو أيوب هو من أخوال النبي من ناحية. وهو من ناحية ثانية من السبعين رجلا الذين بايعوه بيعة العقبة الثانية على السمع والطاعة والنصرة والجهاد في سبيل الله.

    إلى ذلك كان أبو أيوب من خيرة الذين استقبلوا مبعوثي النبي صلى الله عليه وسلم وفي مقدمتهم مصعب بن عمير أول رسول أرسله النبي لدعوة أهل المدينة وتفقيههم في الدين. وهو الذي فيما بعد آخى النبي بينه وبين مصعب بن عمير لما بينهما من تشابه في الخلق والسلوك.

    وحين نزل الرسول صلى الله عليه وسلم في بيت أبي أيوب وكان من طابقين عرض أبو أيوب على النبي أن ينزل في الطابق العلوي. ولكن النبي اختار الطابق الأول حتى يكون في متناول الزوار. وكان يحرص هو وأهله على أن يكونوا في مكان من المنزل لا يعتلي المكان الذي ينزل فيه النبي. ثم سال ماء في حجرته فسارع وزوجته يجففانه بقطيفة لديهما. ثم أعاد عرضه على النبي الذي استجاب له مقدرا هذا الحب الدافق والإيثار الجميل.

    البحث عن الشهادة

    منذ أن عرف أبو أيوب الأنصاري حلاوة الإيمان وهب قلبه لله ولرسوله ولدينه ونذر حياته لنصرة هذا الدين. ومن ثم كانت حياته سلسلة متصلة من المشاركات في كل المشاهد: “كان أبو أيوب سابقا إلى مواطن الهول. باحثا عن الشهادة. يطلبها ويسعى إليها. وتألقت خطواته وضرباته في غزوات بدر وأحد والخندق وجميع المشاهد الأخرى. وكان شعاره في كل ذلك قول الله عز وجل: “انْفِرُواْ خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ” (التوبة: 41).

    وكان في كل مرة يتلو فيها هذه الآية وما أكثر تلاوته لها يقول عن نفسه: لا أجدني إلا خفيفا أو ثقيلا. أي لابد لي من الجهاد على أي حال. (رجال أحبهم الرسول وبشرهم بالجنة: ص233) مرة واحدة تخلف عن جيش جعل الخليفة أميره واحدا من شباب المسلمين لم يقتنع أبو أيوب بإمارته. مرة واحدة لا غير. ومع هذا فإن الندم على موقفه هذا ظل يزلزل نفسه ويقول: ما عليّ من استعمل عليّ؟ ثم لم يفته بعد ذلك قتال (خالد محمد خالد: رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم، ص 254).

    ظل أبو أيوب يلازم النبي صلى الله عليه وسلم ملازمة الخادم لمخدومه، والجندي لقائده. وبعد أن لحق النبي بالرفيق الأعلى ظل أبو أيوب على عهده ذلك مع الخلفاء الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم يجاهد في سبيل الله حق جهاده. وحين وقعت الفتنة بين علي ومعاوية. وقف مع علي بلا تردد. ولما استشهد علي كرم الله وجهه وانتهت الخلافة إلى معاوية “وقف أبو أيوب بنفسه الزاهدة الصامدة التقية لا يرجو من الدنيا سوى أن يظل له مكان فوق أرض الوغى وبين صفوف المجاهدين” (رجال حول الرسول: ص255).

    وكان إلى جانب جهاده المتواصل حريصا على أن يتفقه في الدين فيتدبر كتاب الله ويكثر من تلاوته. ويسمع الحديث ويكثر من روايته. ويعمل بما يعمل على قدر طاقته في حياة وديعة صافية لم تعكرها فتنة من الفتن التي ظهرت بعد انقضاء زمن الخلافة. ولم تكدرها الشهوات الدنيوية التي عاقت الكثير من أصحاب النزعات الشخصية وطلاب الدنيا. (رجال أحبهم الرسول: ص 234).

    وكان دستوره ومنهاجه في ذلك حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا صليت فصل صلاة مودع. ولا تكلّمنّ بكلام تعتذر منه. والزم اليأس مما في أيدي الناس” (رواه ابن ماجة).


    تحقيق الحلم


    وكان أبو أيوب يناهز التسعين عاما حين بدأ الإعداد للتحرك صوب القسطنطينية بقيادة يزيد بن معاوية. ورغم أنه حارب في صف علي بن أبي طالب ضد معاوية فإنه بادر وسرعان ما جهز نفسه للقتال في سبيل الله. فركب فرسه واعتمر درعه وحمل سيفه وانضوى تحت راية الجهاد ولا يشغله شاغل إلا المشاركة في رفع راية الإسلام ونيل الشهادة التي تتوق لها نفسه ويهفو إليها قلبه وتسيطر على كل تفكيره.

    واقترب أبو أيوب من تحقيق حلم الشهادة. فقد أصيب إصابة جسيمة. وكان في طريقه لأن يسلم الروح حين عاده يزيد بن معاوية قائد جيش المسلمين وسأله: ما حاجتك أبا أيوب؟

    ولم تكن حاجة أبي أيوب حاجة شخصية ولا مطلبا فرديا. ولم يطلب علاجا. ولم يرغب في أن يرى أحدا من أحبائه أو أن يعود إلى دياره حيث يتوافر له العلاج والراحة. بل كان مطلبه يمثل أكبر حافز للمجاهدين. “لقد طلب من يزيد إذا هو مات أن يحمل جثمانه فوق فرسه ويمضي به أطول مسافة ممكنة في أرض (الروم) وهنالك يدفنه ثم يزحف بجيشه على طول هذا الطريق حتى يسمع وقع حوافر خيل المسلمين فوق قبره. فيدرك آنئذ أنهم قد أدركوا ما يبتغون من نصر وفوز” (رجال حول الرسول: ص 255).

    وقد أنجز يزيد وصية أو طلب أبي أيوب، فحمله إلى حيث استطاع، وفي قلب القسطنطينية وهي اليوم اسطنبول ووري جثمان رجل عظيم، جد عظيم، وحتى قبل أن يغمر الإسلام تلك البقاع كان أهل القسطنطينية من الروم ينظرون إلى أبي أيوب في قبره نظرتهم إلى قديس، وإنك لتعجب إذ ترى جميع المؤرخين الذين يسجلون تلك الوقائع يقولون: “وكان الروم يتعاهدون قبره ويزورونه ويستسقون به إذا قحطوا” (رجال حول الرسول: ص 255).

    إن كلمات أبي أيوب الأنصاري: “اذهبوا بجثماني بعيدا بعيدا في أرض الروم، ثم ادفنوني هناك” بكل ما عبرت عنه من حب لله ولرسوله ولدينه وما أفصحت عنه من رغبة في الجهاد وشوق للنصر وتوق للشهادة كانت امتدادا لقيمة الإسلام.

    وبالروح ذاتها التي عبر عنها ظلت أجيال المسلمين تترى وتحاول حتى جاء من استطاع أن يفك طلاسم المدينة التليدة وأن يروض عصيانها ومناعتها، وأن يفتح بفتحها آفاقا جديدة للإسلام، ومنذ فتحها وهي همزة الوصل بين قارتي آسيا وأوروبا، وبين الحضارة الإسلامية التي ازدهرت قرونا عدة وقادت الإنسانية، والحضارة الغربية التي تسود أو تحاول أن تسود وتسيطر على العالم الآن.

    إن ارتفاع صوت الآذان في مساجد اسطنبول هو أفضل تحية لروح أبي أيوب الأنصاري ورفاقه الذين استشهدوا على مشارف أو أسوار القسطنطينية، رحمهم الله ورضي عنهم أجمعين.

  2. #2
    ... V I P...


    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    الدولة
    الـــريـ K.S.A ـــاض
    المشاركات
    3,152
    معدل تقييم المستوى
    4

    افتراضي

    بحر من التميز ربي يجزاك كل خير على ما تقدمه لنا من مو اضيع هادفه و مميزه
    دمت بكل ود واحترام

  3. #3
    ... V I P...


    تاريخ التسجيل
    Oct 2004
    المشاركات
    3,642
    معدل تقييم المستوى
    4

    افتراضي

    [align=center]جزاك الله خير

    ومن أجر

    الا

    أجر
    [/align]

  4. #4
    كبآآر الشخصيآت

    تاريخ التسجيل
    Mar 2005
    الدولة
    عـا ( الأحاسيس ) لـم
    المشاركات
    39,241
    معدل تقييم المستوى
    40

    افتراضي

    امير القلوب

    لا يفووووتك

    ويجزاكم ربي كل خير

    لكم مني كل الشكر والتقدير

    لاهنتوا

    دمتم بخير وصحة وعافية

المواضيع المتشابهه

  1. مشاركات: 13
    آخر مشاركة: 06-05-2010, 09:51 PM
  2. مكياج القطرية منيرة الأنصاري
    بواسطة ابعـاد الجفـا في المنتدى عالم حواء
    مشاركات: 15
    آخر مشاركة: 23-06-2008, 06:58 PM
  3. &**&شهيد الحب&**&
    بواسطة بنت شيوخ ومخاويه دلوخ في المنتدى قصائد وخواطر
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 07-04-2007, 11:10 PM
  4. سعد بن الربيع شهيد أحد
    بواسطة حبيبتي حطمتني في المنتدى الارشيف
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 27-03-2007, 08:20 PM
  5. مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 05-08-2005, 06:09 AM

مواقع النشر (المفضلة)

مواقع النشر (المفضلة)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •