كان النبي صلى الله عليه وسلم من أجود الناس وأكرم الناس، وغرس روح الكرم في نفوس الصحابة فشربوا في الكرم أمثلة عظمى وارتقوا بالإنفاق مرتقى أسمى.

أبو بكر الصديق الذي كان يطعم الطعام ويصل الأرحام، وعمر الفاروق الذي كان يجود بنفسه وماله ويحمل الطعام على ظهره وهو خليفة، وعثمان الذي جهز الجيوش وأطعم الطعام وكان يسقي العطشى ويكرم الجوعى حتى قال صلى الله عليه فيه: “ما ضر ابن عفان ما فعل بعد اليوم”، (رواه أحمد).

وعبدالرحمن بن عوف الذي قدمت له سبع مائة راحلة تحمل البر والدقيق والطعام فلما وصلت المدينة أنفقها كلها بأحمالها في سبيل الله.

لقد كانوا أجود الناس بعد النبي صلى الله عليه وسلم، وقد جادوا بكل أنواع الجود، جادوا بأنفسهم وهي أغلى ما يملكون وجادوا بأموالهم، وجادوا بعلمهم، وجادوا بأوقاتهم في سبيل الله، ولقد كانوا يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة.

فالكرم خلق حميد ونهج سعيد وكل صفات الجمال والكمال تتبع الكرم وتمشي في ركابه وأكرم الناس أتقاهم، ويجب أن يكون الكرم في طاعة الله وأن يخلص الانسان النية.

وليس كريماً من يأكل أموال الناس بالباطل ويجمع الثروة من حرام، ثم يضيف الناس ويقيم الولائم ويعطي العطايا، فالكريم هو من أخذ من المال من حله وصرفه في حله.

وليست الضيافة والكرم بتقديم الأكل والشرب مع ضيق في الصدر وعبوس في الوجه، فمن أكرم الكرم حسن الخلق، ومن أجود الجود طيب المعاشرة ولطف المعاملة.

وليس من الكرم ان يتكلف الانسان ما لا يطيق، وللجود عشر مراتب، أولها الجود بالنفس ثم الجود بالرياسة ثم الجود براحته ورفاهيته والجود بالعلم وبذله والجود بالنفع والجاه وبنفع البدن ثم الجود بالعرض في سبيل الله ثم الجود بالصبر والاحتمال والجود بالخلق ثم الجود بترك ما في أيدي الناس فلا يلتفت إليه، والذي قال فيه عبدالله بن المبارك: “إنه أفضل من سخاء النفس بالبذل”.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصبحه وسلم.