مدونة نظام اون لاين

النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: الدية .. وسيلة إسلامية سلمية لتسوية المنازعات

  1. #1
    كبآآر الشخصيآت

    تاريخ التسجيل
    Mar 2005
    الدولة
    عـا ( الأحاسيس ) لـم
    المشاركات
    39,241
    معدل تقييم المستوى
    40

    Sun الدية .. وسيلة إسلامية سلمية لتسوية المنازعات

    أكد عدد من علماء الشريعة وخبراء القانون وأساتذة علم النفس والاجتماع أن “الدية” الشرعية ثابتة ومقدرة بالقرآن والسنة، وأنها تغرس القيم السامية في نفوس الأفراد وتشيع روح العفو والتسامح، وتحمي الأنفس وتقضي على النزاعات وتسوي الخلافات وتعالج الخلل، وهي في الوقت ذاته أسلوب للردع والزجر وأنها أفضل للجميع من العقوبات الموجودة في القوانين الوضعية.

    أهملت التشريعات البشرية، ما عدا بعض المجتمعات، تطبيق الدية في حوادث القتل سواء كان عمدا أو خطأ وفي الجروح وغيرها، رغم أنها دواء ناجع مفيد لطرفي النزاع، خاصة بعدما كثرت الحوادث التي تحصد الأرواح وخاصة حوادث الطرق والسيارات ومعظمها ينتج عن تهور ورعونة. وكان آخرها قيام شاب في مصر بقيادة سيارة والده بسرعة جنونية قتل على إثرها خمسة أشخاص أبرياء، مما دعا “الخليج” الى فتح هذا الملف وطرح القضية للنقاش.

    يقرر المستشار عبدالحميد مصطفى نائب رئيس محكمة النقض المصرية أن جرائم القتل والضرب والجرح صور قانونية مختلفة لفعل واحد هو الاعتداء أو الإيذاء على المجني عليه، وقد يقع عمدا أو خطأ، والفارق بين هذه الصور المتعددة هو نتيجة الفعل والقصد الجنائي، ويختلف مفهوم الدية في الجرائم غير العمدية. فالقتل العمد من الناحية الشرعية عقوبته الأصلية القصاص وتسقط العقوبة بالعفو أو الصلح. والعفو إسقاط للعقوبة دون مقابل، أما الصلح فهو إسقاط العقوبة بمقابل الدية.

    مصلحة المجتمع

    ويضيف المستشار عبدالحميد مصطفى: الأصل في جواز العفو عن القصاص وأداء الدية في القتل العمد وأداء الدية والكفارة في القتل الخطأ هو الكتاب والسنة والإجماع لقوله تعالى في كتابه الكريم “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ” (البقرة: 178)، وقوله تعالى “وَمَن قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ” (النساء: 92).

    والدية عقوبة أصلية في الجرائم غير العمدية، ومنها القتل والإصابة الخطأ فضلا عن التعزير إن كان له مقتضى وفقا لما يراه ولي الأمر، وقد روعي التخفيف فيها لانعدام قصد الجاني في ارتكاب الجريمة.

    و”الدية” تجب في مال الجاني نفسه إن كان بالغا عاقلا وله مال يكفي، فإن لم يكن له مال فقد وجبت على عائلته من العصب الأقرب فالأقرب على قدر يساره، ويجوز الاتفاق على تقسيمها في فترات لا تجاوز السنوات الثلاث.

    و”الدية” سواء كانت عقوبة أصلية في القتل الخطأ أو عقوبة بديلة عن القصاص في القتل العمد هي أفضل لمصلحة المجتمع لما تغرسه في نفوس الأفراد من القيم الخلقية والدينية الأكثر سموا والأرفع شأنا بإشاعة روح العفو والتسامح والحض على معان اجتماعية ونفسية ودينية، بما يكفل تعاون الأفراد وتضامنهم، وفي الوقت ذاته مواساة ذوي المجني عليه ومعاونتهم في مصابهم والتخفيف عنهم بما يعود بالنفع على الجميع.

    تعويض عن الضرر

    ويوضح المستشار الدكتور عماد النجار مساعد وزير العدل المصري سابقا وعضو مجلس الشورى، ومستشار لجان فض المنازعات في وزارة العدل أن الدية في التشريع الإسلامي هي التعويض المقرر عن ضرر بنفس أو بشخص لكن التشريعات والقوانين الوضعية وسعت هذا المفهوم ليشمل جبر الضرر عن خطأ الغير.

    ويرى د. عماد النجار أن الفقه الإسلامي اعتبر الدية بديلا عن العقوبة، فمن يدفعها لا يعاقب جنائيا. وجاءت فكرة النيابة العامة كسلطة مسؤولة عن حماية المجتمع وهي كانت غائبة في الفقه الإسلامي، مع أن القرآن الكريم يقرر صراحة انه “من قتل نفسا بغير نفس فكأنما قتل الناس جميعا” وهذا يؤكد أن للمجتمع حقا عند وقوع الجريمة التي تمسه وليس المجني عليه فقط.

    ويقول د. عماد النجار إن اعتبار الدية بديلا عن الجزاء الجنائي غير منصف ولكن يجب أن تكون تعبيرا عن التعويض المدني فقط، وكان هذا هو المفهوم والنظام السائد في كثير من المجتمعات العربية حتى وقت قريب، وفي التسعينات كتبت مؤلفا كان سببا في تغيير الأنظمة القضائية التي أخذت بالرأي الذي يجمع بين المفهومين، لأن الجريمة حينما تقع ينشأ عنها حق المجني عليه ويجبر بالدية، وحق المجتمع وهذا يجب فيه إنزال العقوبة على الجاني حتى لا تتكرر الجريمة مع آخرين وإلا تحول المجتمع إلى غابة يسيطر فيها الأغنياء ويعيثون في الأرض فسادا وقتلا ثم يدفعون الدية.

    حماية وردع

    ويؤكد المستشار محمد علي سكيكر رئيس محكمة الاستئناف أن الشريعة الإسلامية فرضت الدية حماية للأنفس وأسلوبا للردع والزجر، ورفعت قيمتها حتى يعاني من أدائها المكلفون بها وهي قسمان، مغلظة تجب في القتل شبه العمد وهي مائة من الإبل في بطون أربعين منها أولادها، ودية مخففة تجب في القتل الخطأ يتحملها القاتل بالتعاون مواساة للقاتل لاقترافه الجناية عن غير قصد.

    يضيف المستشار سكيكر قائلا: عالجت القوانين الوضعية جرائم القتل عامة والضرب والجرح بعقوبات السجن والحبس والتعويض المدني للمجني عليه.

    تحكيم لغة العقل

    وبنظرة اجتماعية لمسألة “الدية” يؤكد د. يحيى مرسي عيد أستاذ علم الاجتماع في كلية الآداب في جامعة حلوان أنها وسيلة مهمة للضبط الاجتماعي ولكل مجتمع من المجتمعات من الوسائل والأساليب التي يلجأ إليها لتحقيق المواءمة بين أفراده والسلوك والقيم والحفاظ على التماسك الاجتماعي، وهذه الوسائل تتوقف على طبيعة المجتمع وظروفه وثقافته السائدة، وهناك نوعان من وسائل الضبط الاجتماعي أو القانون وهما: القانون الرسمي، الذي يعتمد على أجهزة قضائية وإدارات متخصصة والهيئات والمؤسسات الرسمية مثل النيابة العامة والشرطة ومهمتها تطبيق نصوص القانون.

    أما النوع الثاني فهو العرفي ويعد من الوسائل غير الرسمية في الجماعات الصغيرة التي تقوم على العلاقات الشخصية المباشرة وفي نظام العشيرة أو القبيلة أو العائلة.

    ومن أهم الوسائل التي لجأت إليها هذه المجتمعات في حل نزاعاتها وخاصة جرائم القتل “الدية”، وقد شرعها الدين الإسلامي الحنيف وهي وسيلة سلمية لتسوية المنازعات بين العائلات، وترتفع الأصوات الحكيمة والعاقلة الداعية إلى تحكيم لغة العقل لحل مشكلات القتل وقبول الدية التي تؤدي إلى الحفاظ على تماسك المجتمع وتعالج خللا أدى إلى موت شخص أو جرحه أو غير ذلك. وتساهم الدية في التغلب على المشكلات المترتبة على موت شخص وتعين ورثته وأبناءه خاصة إذا كانوا صغارا.

    ومن ناحية أخرى، تساعد “الدية” على تحقيق الأمن الاجتماعي بين الأفراد وعدم تجدد المنازعات وتقضي على ظاهرة الثأر، وبالتالي تقلل من العداوات والمشاحنات.

    ومن ناحية ثالثة، نجد أن نظام الدية يعفي الدولة ممثلة في أجهزتها الرسمية من ضياع الوقت والجهد في المحاكم والقضايا والتي قد تطول لعدة سنوات، كما توفر الوقت والجهد والمال أيضا بالنسبة لأطراف المشكلة.

    تعميق الإيمان بالثوابت

    ومن ناحية رابعة فإن العمل بنظام الدية تنفيذ لشرع الله واحتكام إلى لغة العقل والحوار بدلا من الصدام والعداوات، ويعمق لدى الأفراد الإيمان بثوابت الدين الإسلامي والعقيدة من حيث الإيمان بالقضاء والقدر وأن لكل أجل كتابا وأن الموت حق وإن تعددت الأسباب، ويعلي قيم التسامح والمودة ويقضي على أسباب الخلاف.

    ويخلص د. يحيى مرسي إلى مطالبة المجتمع كله من خلال أجهزته الرسمية والشعبية والدينية بتعميق هذا المفهوم لدى عامة الناس ليصبح مبدأ راسخا حقنا للدماء، مع معالجة الجوانب السلبية التي تترتب على شيوع وقبول نظام الدية، كأن نجد بعض من لديهم القدرة المادية يتمادون في الأخطاء وإزهاق الأرواح دون ضابط أو رابط، وحتى لا يطبق المثل “اللي تعرف ديته اقتله”، ففي ذلك استهانة بالقيم والمعايير واحترام أرواح وحقوق الآخرين، ومن أمثلة ذلك قيادة الصغار للسيارات دون أن يحملوا رخص قيادة أو القيادة بتهور أو تحت تأثير المخدرات والمسكرات، فهذه كلها نماذج سلبية في المجتمع تجب مواجهتها.

    حكمة الدية

    ويشير د. حامد أبو طالب عميد كلية الشريعة والقانون في جامعة الأزهر إلى أن الحكمة من شرعية الدية وتقديرها هي رفع النزاع وحتى لا يغالب أولياء القتيل أهل القاتل، وحتى لا يدخل الناس في تقديرها عناصر أخرى إذ مهما اختلفت منازل الناس وأجناسهم فهم جميعا أمام تقدير الدماء سواء، لذلك لم يترك الشارع أمر تقديرها بل تولى تقديرها بنفسه.

    و”الدية” المقررة شرعا لا تدخل في نطاق التعويض أو الغرامة التي تتردد في قانون العقوبات الوضعي، لأن الدية وإن شابهت الغرامة لما فيها من معنى الزجر للجائر بحرمانه من جزء من ماله إلا أنها تخالفها في أن الجاني لا يتحمل عبء الدية وحده في أغلب الأحوال، كما أنها لا تؤول إلى الخزانة العامة كالغرامة، وكذلك تختلف عن التعويض إذ يدخل في عناصر تقدير التعويض المقومات المادية والجسدية والأدبية، بينما الدية مقدرة شرعا كمقابل للنفس التي هلكت بالقتل فقط أو الأعضاء التي أتلفها الجاني، وهناك المجال الأوسع بالتصالح عند العفو.

    إجماع على وجوبها

    ويؤكد د. علي جمعة مفتي الديار المصرية أن الدية شرعا هي المال الواجب في النفس أو فيما دونها والأصل في وجوبها قوله تعالى “وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَأ وَمَن قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مْؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللّهِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً” (النساء: 92).

    وقد بينتها السنة النبوية المطهرة فيما رواه النسائي أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد كتب كتابا إلى أهل اليمن جاء فيه أن من اغتبط مؤمنا قتلا عن بينة فإنه قود إلا أن يرضى أولياء المقتول وإن في النفس الدية مائة من الإبل، إلى أن قال صلى الله عليه وآله وسلم “وأن الرجل يقتل بالمرأة وعلى أهل الذهب ألف دينار”.

    ويضيف مفتي مصر في فتوى له: لقد أجمعت الأمة على وجوبها، والدية الواجبة شرعا في القتل الخطأ ألف دينار من الذهب أو اثنا عشر ألف درهم من الفضة، ودرهم الفضة 9.2جم فتكون الجملة 34 كيلو و800 جرام من الفضة وتقوّم بسعر السوق وتدفع لأهل القتيل طبقا ليوم ثبوت الحق رضاء أو قضاء وتتحملها عائلة القاتل، فإن لم تستطع فالقاتل، فإن لم يستطع فيجوز اخذ الدية من غيرهم ولو من الزكاة. والتصالح في أمر الدية بالعفو أو بقبول قيمة اقل.. أمر مشروع بنص القرآن الكريم، وقد فوض الشارع الحكيم لأهل القتل التنازل عن الدية أو عن بعضها تخفيفا عن القاتل إن لم يتيسر دفعها أصلا أو دفعها كلها ولا فرق في الدية بين الكبير والصغير، والرجل والمرأة، لأن قتل النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق متحقق في كل الأحوال، وقبول الدية جائز شرعا لأنها حق لأهل القتيل فلهم قبولها أو التنازل عنها أو التصالح على جزء منها.

  2. #2
    عـينـــكـ غــديــر


    تاريخ التسجيل
    Oct 2004
    المشاركات
    7,861
    معدل تقييم المستوى
    8

    افتراضي

    الف شكر لك اخي حبيبتي حطمتني على الموضوع

    والله يجزاك خير

  3. #3
    كبآآر الشخصيآت

    تاريخ التسجيل
    Mar 2005
    الدولة
    عـا ( الأحاسيس ) لـم
    المشاركات
    39,241
    معدل تقييم المستوى
    40

    افتراضي

    سعد الخالدي

    ويجزاك ربي كل خير

    أشكرك من صميم قلبي

    ويارب يكون حضورك في

    ميزان حسناتك ياالغالي

    دمت سعيد

  4. #4
    ... V I P...


    تاريخ التسجيل
    May 2005
    الدولة
    قلب طفله تحب الله ورسوله
    المشاركات
    4,487
    معدل تقييم المستوى
    5

    افتراضي

    بارك الله فيك اخى الكريم وجزاك كل خير

    واثابك ونفع بك

    دمت بصحه وسعاده اخى


  5. #5
    كبآآر الشخصيآت

    تاريخ التسجيل
    Mar 2005
    الدولة
    عـا ( الأحاسيس ) لـم
    المشاركات
    39,241
    معدل تقييم المستوى
    40

    افتراضي

    بهيـــــــــه

    ربي يجزاك ربي كل خير

    منورة أختي الكريمة

    الشكر لك على تواصلك

    المميز والرائع ..

    لاهنتي أتمنى دايما تنوري صفحاتي

المواضيع المتشابهه

  1. مشاركات: 13
    آخر مشاركة: 18-07-2011, 02:53 PM
  2. لتصويت على مسابقة المشاركين
    بواسطة أطـ(واحد)ـلــز في المنتدى الارشيف
    مشاركات: 23
    آخر مشاركة: 18-12-2010, 11:39 PM
  3. سعودي اقترن سرا بيمنية متزوجة من اثنين بنفس الوقت
    بواسطة alsiwiday في المنتدى الارشيف
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 13-06-2006, 10:55 PM
  4. قدر الله علي وسجلت
    بواسطة THE SAILOR في المنتدى الارشيف
    مشاركات: 15
    آخر مشاركة: 28-01-2006, 10:29 PM

مواقع النشر (المفضلة)

مواقع النشر (المفضلة)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •