أنا أرملة في الستين من عمري وأم لابن وحيد لم أنجب غيره. توفي والده وهو في العاشرة من عمره، فرفضت الزواج، وكرست له كل حياتي مع انني وقت وفاة والده كنت في السابعة والعشرين من عمري.. شابة جميلة ومرغوبة.
نزلت الى العمل وانا لا احمل شهادات او مؤهلا دراسيا. في البداية كنت اذهب الى بيوت العائلات لأطهو لهم الطعام في الولائم مقابل مبلغ لا بأس به، وعندما كبر ابني واشتد عوده رفض ان اعمل في المنازل، فاحترت ماذا افعل، لان راتب زوجي التقاعدي لا يكفي لسد رمق جوعنا او تلبية مطالب ابني الكثيرة. بعدها عملت فراشة في مدرسة خاصة لعدة سنوات ولكن ابني لم يعجبه ايضا عملي هذا، وكان يعترف لي صراحة انه يشعر بالخجل من كوني اعمل كالخادمة للمدرسات والناظرة، مع ان راتبي كان لا بأس به يا سيدتي وكان الجميع يعطفون علي ويمنحونني المال مقابل اي خدمة صغيرة.
وللمرة الثانية يا سيدتي رضخت لطلب ابني واصراره على تركي العمل حتى لا يشعر بالخجل امام نفسه وامام اصدقائه.. احترت ماذا افعل واي وظيفة ستقبلني وانا قاربت على الاربعين من عمري ولا احمل مؤهلا، فقررت ان اطهو بعض الاكلات وابيعها للموظفات العاملات وبعض الاسر التي تثق بإتقاني للطهو. وبذلك حاولت ارضاء ابني والمحافظة على شكله الاجتماعي.
مرت السنوات وتخرج ابني وحصل على شهادة جامعية وتوظف وطلب مني ان ارتاح وان اتوقف عن العمل. فرحت كثيرا لكن فرحتي لم تكتمل يا سيدتي، فقد تزوج من فتاة ساقطة تعرف عليها في احدى سهراته الماجنة واحضرها الى المنزل لتعيش معنا. ذقت على يديها الويل، وتعرضت للتعذيب والاهانة من دون ان انطق بكلمة واحدة وان شكوت لابني يأخذ صف زوجته ويكيل لي الشتائم والسباب.
شاهدت خيانة زوجة ابني بعيني ولم استطع اخباره فقد هددتني بالقائي في الشارع. ولم تكتف بذلك، بل نسجت الحكايات الملفقة عني وعن اهانتي لها، حتى دفعت ابني للاعتداء علي بالضرب من أجلها، وليت هذا فقط بل وسوست اليه ان راتبه لا يكفي لسد حاجاتها، فطلب مني العمل مرة اخرى في اي وظيفة، المهم ان احضر له المال لتلبية مطالب زوجته. فعدت للعمل فراشة في مدرسة خاصة، وكان ابني يحصل على راتبي من وظيفتي ومعاش والده التقاعدي ويتركني بلا دينار، هذا بالاضافة الى خدمة زوجته وطهي الطعام لها وتنظيف المنزل.
هزلت صحتي من المجهود الكبير الذي اقوم به بمفردي لان زوجة ابني استولت على الخادمة لخدمتها شخصيا.. الضغط والسكري يكادان يفتكان بي وابني لا يرى سوى زوجته ولا يهتم الا بتلبية مطالبها حتى انني طلبت منه اصطحابي الى الطبيب لكنه رفض بحجة انشغاله في العمل. اما زوجته فتهددني ليلا ونهارا بالقائي في الشارع والاستيلاء على المنزل. ماذا افعل وابني اصم وابكم ولا يسمع ولا يرى سوى زوجته.