جميل جداً أن نحيط أنفسنا ومجتمعنا بحميد العادات والتقاليدونفاخر بها ونرسخها في عقول ومفاهيم الأجيال، لكن ليس من الضروري أن نكبل بها أيدينا ونغلّ بها أعناقنا؛ بمعنى أن نمارسها ولا نغلو، نحترمها ولا نقدسها، وما كان متبعاً في زمن قد لا ينسجم مع زمن نعيشه؛ إذ إن المرونة مطلوبة مع هذه العادات والتقاليد، فمن يتحلى بخصلة الكرم مثلاً يستمر كريماً دون بذخ؛ يكرم أضيافه بالميسور ولا عتب، وهذا الميسور غالباً يكون أكثر من صنف من طعام منوع شهي عصري لذيذ في مذاقه، جذاب في شكله ومنظره على السفرة، غنيّ منذ إعداده بعناصر الفائدة الغذائية؛ فهي مائدة غنية تدلّ على الكرم، وجميلة هي أيضاً إذا قُرنت بكرم النفس، وهذا بخلاف كرم يعتمد على جندلة خروف أو أكثر فوق كثبان من الأرز يقدم مع العبارة التقليدية الترحيبية التي تختلف من حيز جغرافي لآخر، لكن ثقافة سفك دماء الخراف كدليل للكرم حتى مع ضيق ذات اليد هي القاسم المشترك، مع أن البدائل ممكنة لو استطعنا كسر قيد العادة وحاجز الخوف الاجتماعي من العيب، وهب أن نفراً عابوك لعدم إكرامهم بالذبائح التي تنقل بعد ساعة للجمعية الخيرية، هل نالك سوء أو أحاق بك غضب من الله؟! ليسوا إلا بشراً مثلك والعاقبة لمن اتقى!! والعيب ليس هنا، إنما فيمن يجتاز الخطوط الحمراء في أمور أخرى تتعلق بالدين وأمن البلاد والعباد وإرهاب الآمنين وإهدار المكتسبات والمقدرات التي يحققها الوطن برعاية من قيادته ورشاد حكومته وإخلاص أبنائه.. وإذا حصرنا العيوب في حفنة من عادات اجتماعية ونسينا الأهم فهو برهان على أننا لا زلنا نحبو في مضمار الراكضين، العادات والقيم محفوظة إذا أحسنَّا التعامل بها ومعها.