بعد أزمة الرسومات المسيئة شعرت بحاجة كبيرة لتعريف المجتمع الدانماركي بالمسلمين؛ لذلك حاولت من خلال هذه الفكرة إتاحة الفرصة للمسلمين للتعبير بحرية وصراحة عن حياتهم في الدانمارك . هكذا تحدث المصور الدانماركي الشهير نيكي بونه عن معرضه الذي افتتح بداية إبريل بالعاصمة الدانماركية كوبنهاجن ويستمر لمدة شهر، ويضم المعرض 43 صورة لمسلمين يعيشون في الدانمارك ويجسدون نماذج إيجابية في المجتمع الدانماركي، ويحملون جميعا اسم محمد إلا أنهم ينحدرون من بلدان وعرقيات عديدة.

وفي مقابلة مع إسلام أون لاين.نت أوضح بونه أن عمله الفني يهدف إلي تعريف المجتمع الدانماركي بالتنوع الحضاري للمسلمين في الدانمارك؛ وذلك لإزالة الصورة النمطية غير الصحيحة عنهم .

وعن كيفية اختياره للصور يقول بونه: لقد تجولت في العديد من مدن الدانمارك وتحدثت مع العديد من المسلمين، وأحسست أنهم محتاجون إلي من يوصل صوتهم للمجتمع المحيط بهم، وحرصت علي أن تتباين أعمار وعرقيات واهتمامات الشخصيات التي قمت بتصويرها، وأن يكونوا من جميع أنحاء الدانمارك .

ويمكن لزوار المعرض التعرف علي أصحاب الصور الذين يحملون اسم محمد من خلال نبذة قصيرة عن حياتهم تصحب الصور ومكتوبة باللغتين العربية والدانماركية. وتتراوح أعمار أصحاب الصور بين 6 إلي 76 عاما.

بعدستي وبكلماتهم

ويروي المصور الدانماركي بداية عمله قائلا: كانت رحلة جميلة في أطراف عديدة من الدانمارك. أردت أن أقابل المسلمين في بيوتهم وأسمع منهم ماذا يشغلهم وكيف ينظرون لحياتهم في الدانمارك، حاولت أن أرسم صورة حقيقية عن جزء من مسلمي الدانمارك بعدستي وكلماتهم . وعن انطباعه عن وضع المسلمين في الدانمارك ، قال بونه: تحدثت مع أكثر من 200 مسلم دانماركي، ولاحظت شعور العديد منهم بالإحباط من النقاش العام الذي يدور حول الإسلام والمسلمين في الدانمارك والذي يركز في أغلبيته علي الجانب السلبي، والعديد منهم لا يجد الاحترام المطلوب . محمد ديمر (27 عاما) وهو طالب في جامعة بجنوب الدانمارك وبطل إحدي الصور، يحكي عن حياته في الدانمارك قائلا: لقد مللت من أن أكون محل شبهة في أنظار الآخرين. لقد عشت طوال حياتي في الدانمارك، فأنا أعتبرها موطني الأصلي. ولكن وبصورة مفاجئة بدأت أشعر بأنني منبوذ. وبدأت أعاني المزيد والمزيد من الصعوبات حيال قبول الآخرين لوجودي في المجتمع .

ومن جانبه يشرح محمد أشرف (56 عاما) وهو من أصل باكستاني، ويعمل مساعدا اجتماعيا، كيف كان شعوره إبان أزمة الرسومات قائلا: لم أشعر بالضيق سوي مرة واحدة، وكان ذلك في أثناء الأزمة التي حدثت بسبب الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للرسول محمد عليه الصلاة والسلام، فبينما كانت الأزمة في أوجها زارني مرشدي الاجتماعي من البلدية وبينما نحن نتناول الطعام في العمل دخل علينا مديري في العمل، وسألني: هل شاهدت هذا الشخص الذي يدعي محمد في الجريدة؟ وتابع محمد: شعرت بغضب شديد، وقلت له: كيف تسخر مني ومن ديني بهذه الطريقة؟ ولكن لحسن الحظ عاد في اليوم التالي واعتذر لي عن تصرفه، ونحن اليوم أصبحنا أصدقاء . وتسببت الرسوم التي نشرتها الصحيفة الدانماركية يولاندز بوستن في سبتمبر 2005 في موجة غضب واسعة علي المستوي الرسمي والشعبي في أغلب الدول العربية والإسلامية وعدد من الدول الغربية والآسيوية.

وداعا لإيريك.. مرحبا بمحمد

محمد عبد الله راسموسن وهو من أصل دانماركي ويبلغ من العمر 77 عاما يقول: في عام 1991 أصبت بمرض شديد وفي أثناء إقامتي بالمستشفي لم يزرني إلا أصدقائي المسلمون، كانوا يزورونني كل يوم ويعدون لي الطعام ويعتنون بصحتي، وعندما خرجت من المستشفي قررت أن أعتنق الإسلام وأغير اسمي.. قلت وداعا لإيريك فيرنر راسموسن ومرحبا بمحمد عبد الله راسموسن .

ويأمل بونه أن يساعد معرض صوره وكتابه الذي يحتوي جميع الصور إلي تصحيح نظرة المجتمع تجاه المسلمين.

ويقول بونه بنبرة متفائلة: أتمني أن يساعد معرض الصور والكتاب في إعطاء صورة أكثر صحة وحيادية عن واقع المسلمين في الدانمارك وعن مشاكلهم اليومية، وأن يساعد المعرض والكتاب في تغيير الأحكام المسبقة الموجودة عند بعض الأفراد تجاه المسلمين .

ومن المقرر أن يستمر المعرض إلي أواخر شهر إبريل الحالي، حيث سينتقل بعد ذلك إلي مدينة أوروس (ثاني أكبر مدينة في الدانمارك) وسيتم عرض الصور هناك علي مدار 3 أشهر خلال فصل الصيف.كما أعرب بونه عن نيته نقل المعرض إلي بعض العواصم الأوروبية كما يأمل في أن يعرض الصور في بعض البلدان العربية والإسلامية. ويعتبر نيكي بونه (32 عاما) من أشهر المصورين في الدانمارك، وقد حصل علي العديد من الجوائز المحلية والدولية، منها جائزة أفضل صورة شخصية للعام وجائزة الإبداع من اتحاد الصحف الأوروبية. ويقع كتابه الذي يضم جميع الصور في 96 صفحة.وبحسب إحصاءات رسمية، ففي العام 2004 جاء اسم محمد علي رأس أوسع الأسماء انتشارًا بين أبناء الأقلية المسلمة في الدانمارك، حيث كان يحمله في ذلك العام نحو 8928 شخصًا، كما أن عددا غير قليل من مواليد المسلمين في الدانمارك يطلق عليهم اسم محمد، حيث بلغ في 2004 عدد مواليد المسلمين الذين يحملون اسم النبي عليه الصلاة والسلام 167 طفلا. ويرجع الآباء ذلك إلي رغبتهم في الحفاظ علي هويتهم الإسلامية وتيسير تعريف الأجيال الجديدة بتعاليم الإسلام.