العاشقة !!!
سيدة ثلاثينية ريفية، تعشق الروح والثقافة، قطفت من زهر الربيع أريجه وتعطرت به، رشفت من عطاء الأرض لتسكبه على روحها حناناً يشع من عينيها.
هكذا رآها خالد. دلال، إسمٌ على مُسمى، تعشق الحياة، السمر، تذوب في سماء الورد وريحانه.
عشق فيها كل ما رآه، بادلته المشاعر، هاما معاً في دنيا الخيال والأماني، والقدر الذي تجري رياحه بما لا تشتهيه السفن.
أغمضا عيناهما على حُلمٍ يعرفان أنه حلم لن يتحقق، وسافرا على أجنحة ملائكية مع حلمهما الذي يحكي لهما بهمس البدر المنير لأحلام العاشقين ليسألا نفسيهما ماذا يحدث لو أن القدر جمع بين قلبيهما وجسديهما في هذا العالم الفاني، أحلامٌ كانت تطول وتطول في كل لقاء بينهما، ليعودا منه إلى واقعهما، ليسمع، لتروي له حكاية عمرٍ لم تعرف فيه طعم الأمان، ولا كيف تروي نهمها للحنان الذي تفتقده من لمسة رجلٍ يشاركها الحياة، ليسمعها ويسمعها تشكي آلام أيامها وليالها، آلام عمرها، ويسمع تمنياتها أن يعوض الله عليها عن ذلك في جنان الخلد...
إنجرف خالد معها في تيار العشق الروحي، والكلام الجميل، ولكثرة الحنان الفواح من عبير رواياتها، وعطشه المقابل للإستقرار في حضن أنثى لم يعرفه قط بعد رحيل حضن أمه، حضنٍ يرتشف من نبعه طعم الدفء.
عرض، قدّم الأمان، الإستقرار، رفاهية الدنيا، رفضت وعللت أن الصراع يقتلها بين فلذات كبدها وبين حياتها...
إحترم رأيها، علا شأنها لتفانيها، وأمومتها التي أنكرت الذات لأجل أبناءها...
لكنها وفي أمسية دافئة، وهو يثني على مواقفها ويحاول أن يطلق عبارة البطولة والأمومة على تحملها لآلامها في سبيل ما هو أسمى وأجلّ لتكون كلماته البلسم الشافي لعذاباتها. طلبت منه أن يسمع ما فعلت وتعترف لهأنها سجلت حديث وعرضه لها. وأسمعته لزوجها. وطلبت من خالد أن يقدر موقفها هذا ليس عذراً لها، لكن محاولة منها ليعرف زوجها قيمتها ويتغير معها...
استرسلت في تفسيرها لتصرفها، وقالت له: أن الذي قدمته لي من تلاقي لروحينا، وأمان، ومال واجهت به زوجي بالدليل القاطع وبكل جرأة ليعلم أن أرفض ذلك، لعله يعرف أن هناك غيره من يقدرني، وأني باقية معه رغم ذلك، لعله يرفع عني أرق أيامي، ويعطيني ما قدمته أنت لي!!!...
لف الصمت الرهيب خالد، عجزت أفكاره عن التفسير، رحل إلى ما وراء الورائيات، فلم يجد مساحةً تحتضنه...
غاب خالد والخيال دائماً يأخذه في رحلاتٍ إلى أماكن لم يعرفها ولم تعرفه ولا تعرف ما الذي حصل معه... ولم يجد له إلا تفسيراً واحداً!!!
إلى أن شاهد في أحد الأيام، سيدته العاشقة المعذبة خارجة من عيادة طبيب نفسي، لمعاناتها من إضطرابات حادة في الشخصية...
لعل ما شاهده أكد له ما جال في خاطره، وأضاء له بصيص نور وضع تفسيراً لا يقبل الشك لما حصل!!!
مواقع النشر (المفضلة)