صعب جداً أن تكون مكروهاً بين الناس والأصعب من ذلك حينما تتبوأ مركزاً دعوياً ذا أهمية كبرى.

محبة الناس شيء عظيم وأعظم شيء حينما تكون محبوباً وصاحب دعوة، فالنبي صلي الله عليه وسلم الذي كان ذو خلق كريم وكان يلقب بالأمين، وكان أحيا من العذراء في خدرها وكان رحيماً رؤوفاً على المسلمين يخاطبه الله بقوله تعالى: {وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ }(159)) سورة آل عمران، معما فيه من تلك الأخلاق السامية يخاطبه ربه ويوضح له أن الدعوة ألا تكون إلا بحسن الخلق بالرفق. لذا قال صلى الله عليه وسلم: (يا عائشة ما كان الرفق في شيء إلا زانه وما نقص من شيء إلا شانه)، فكان رحيماً رفيقاً لأن الدعوة إرسال الخير للناس ودعوة الناس للخير لا تكون إلا بالحسنى، يقول سبحانه وتعالى: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} (125)سورة النحل، فلا بد أن يأتي بالحسنة ولا بد أن يأتي بالمحبة والإحسان، أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم، الإحسان إلى الناس هو استعباد القلوب.. عظيم جداً أن ترى محبة الناس تتجلى في كلمات الثناء، في إخلاصهم لك، في متابعتهم، ترى ذلك في نظرات عيونهم وهم ينظرون إليك، محبة الناس لا يمكن أن تأتي بالمنصب والجاه، ولا بالمكانة ولا بالمال، محبة الناس تزرع في القلوب، حينما نتعلم فن زراعة المحبة، إنه فن عظيم لا بد لكل منا أن يتعلم هذا الفن، ويحسن صنعه، وأبلغ من ذلك أنه يتعلمه الداعية إلى الله حتى تنجح دعوته وتقبل حجته ويتبع أمره.
ولكن كيف تزرع الحب؟ تكون زراعة الحب بالإخلاص في الأعمال لله عزَّ وجلَّ، فأنت حينما تخلص أعمالك لله سوف ترى ثمار ذلك من خلال مصداقيتك بين الناس، فالله عزَّ وجلَّ حينما يحب عبده المؤمن المخلص يزرع محبته في قلوب البشر، فيحبه كل من يسمع ذكره، فكم من عالم جليل لم نشاهده ولم نعاشره ومع ذلك كان حبه في قلوبنا مزروعا، فلا يذكر في مجلس إلا وترى الناس يترحمون عليه إذا كان ميتاً، ويدعون له إذا كان حياً، وهناك أمور تساعدك على زراعة المحبة في قلوب المدعوين أولاً هذه الأمور بعد الإخلاص الابتسامة فهي سلاح عظيم في تصيد القلوب فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (تبسمك في وجه أخيك صدقة)، كم من ابتسامة صادقة مخلصة كانت سبباً في هدية شاب - السلام مفتاح من مفاتيح القلوب وهو الأمن والأمان يقول صلى الله عليه وسلم: (ألا أدلكم على شيء إذا فعلتوه تحاببتم أفشوا السلام بينكم)، فالسلام أمره عظيم جداً في تصيد القلوب وزرع المحبة فيها احترامك لمجهودات الآخرين وتقديرك لها والإشادة بها فن من فنون زراعة المحبة في القلوب، فكم من شخص صاحب موهبة عظيمة كان تقدير الآخرين له سبباً في استقامته على طريق الحق والعكس عندما يواجه التحطيم وعدم المبالاة وغير ذلك. مساعدة الآخرين والإحسان إليهم سبب في زرع المحبة في قلوب تجد ثمار زراعة المحبة في أعمالك ونصائحك والاستماع إليك، والثناء عليك أما إذا كان ليس لك هم إلا أن ينظر لك الناس تتصيد العثرات وتجمع الهفوات، تدعي الكمال وأنت منه بعيد تحاول أن تثبت أنك تعمل في مجال الدعوة وأنت بعيد عنه فاحذر من نفسك و احذر من اجتماع كراهية الناس لك فهم شهود الله في أرضه، فهذا دليل على عدم القبول ولا حول ولا قوة إلا بالله، فأسرع إلى تعلم فن المحبة.