ما الذي قد تفعله ام عندما ترى حياة ابنها الذي خرجت به من حطام الدنيا في خطر..؟
ما الذي قد يفعله أب عندما يرى فلذة كبده والموت يهدده مع كل صباح؟
اشياء كثيرة تدفع هذين الأبوين إلى بذل كل غال ونفيس، والتضحية بكل ما تستطيع ايديهما الوصول اليه لانقاذ حياة ابنهما الذي اصبح كالزهرة التي تذبل اوراقها يوما بعد الآخر ولكن عندما تنفذ طاقتهما وتصبح كل الظروف ضدهما لا يكون من في وضعهما سوى اللجوء الى الله وانتظار ما قد يفعله القدر بهذه الحياة البائسة. بدأت قصة عبدالله الصغير عندما ولد لأبوين راضيين قانعين بالحياة البسيطة التي يعيشانها فالأب يعمل في وظيفة بسيطة جدا والأم ربة بيت امية لا ترى في الدنيا سوى زوجها وابنها.
وكانا يستمتعان دائما بنظرة حنونة الى طفلهما. أملهما في الغد كان كبيرا، رسما معا المستقبل الزاهر لعبدالله الصغير منذ ولادته، كانا على امل ان يكمل دراسته حتى يصل الى الجامعة ويحصل على شهادة جامعية ويتسلم وظيفة تليق به وتثلج صدرهما لأنهما لم ينالا من التعليم الا القليل القليل.
وفجأة وهما في نشوة ذلك الحلم الجميل وقع ما لم يحسبا حسابه ففي غفلة كان عبدالله على موعد مع الشقاء والالم ومع مرحلة من المعاناة، حيث امتدت يده اثناء انشغال والدته في طهو الطعام وتناول مادة الكلور الحارقة فأصيب مريء الطفل بحروق شديدة والتصاقات منعته من تناول الطعام من خلال فمه، اخبر الاطباء المعالجون والديه انه لا بد من اجراء عملية في المريء لكن الوقت كان يداهم الطفل والوالدان يتألمان لآلام طفلهما المسكين الذي كان يعذى من خلال خرطوم طبي جرى تركيبه في جسد الطفل المسكين الذي فقد الكثير من وزنه بسبب تلك الطريقة في التغذية، مما دعا والديه إلى التفكير في تسفيره إلى الخارج لعلاجه، لكن لا حول لهما ولا قوة ولا معين يساعدهما على تلك الخطوة، المتاح امامهما هو تسفير الطفل على حسابهما الخاص، وهما بالكاد يوفران قوتهما ولا يقدران ماديا على تلك التكاليف الباهظة، صديق والد عبدالله اشار عليه بالاقتراض من احد المكاتب التي تمنح قروضا ميسرة مقابل ضمانات كبيرة، لم يفكر والد عبدالله بل وافق على الفور وتوجه إلى أحد المكاتب التي اشار عليه بها صديقه وطلب قرضا بمبلغ كبير، فوافقوا لكن بشرط توقيع شيكات بالمبلغ وشيكات اخرى بقيمة المبلغ نفسه كضمان، وافق ايضا وتسلم المبلغ وبسرعة شديدة انهى اجراءات سفره مع عبدالله فلذة كبده لعلاجه في الخارج، لكن لسوء حظه عند عودته إلى أرض الوطن والفرحة تملأ قلبه بشفاء ابنه عبدالله وفلذة كبده قبض عليه في المطار بتهمة شيكات من دون رصيد، حيث قدم المكتب الذي يقدم القروض وهم خلية من النصابين الشيكات الى النيابة، التي بدورها اصدرت احكاما بالسجن على والد عبدالله تصل الى عشرة اعوام وهو لا ذنب له سوى انه وقع ضحية المكاتب الوهمية للنصب والاحتيال على البشر.
مواقع النشر (المفضلة)