لم أكن أؤمن من قبل بمقولة: ومن الحب ما قتل إلي أن قرأت قبل أيام خبرا عن رجل سعودي توفي بعد أن قام بغسل ابنه الذي توفي إثر حادث مروري وقع الأسبوع الماضي، حيث فارق بدوره الحياة قبل موارة ابنه الثري ليدفن قبله.

القصة بدأت عندما توفي شاب سعودي في مقتبل العمر وحضر والده إلي جدة لتغسيله ودفنه، لكنه توفي إثر نوبة قلبية مفاجئة ودفن قبل أن يدفن ابنه الذي دفن مباشرة بعده.

هذا الأب لم يطق الحياة بعد وفاة ابنه فحبه لابنه قتله ليعفيه من منظر مواراته الثري ليقول لا قيمة للحياة بعدك يا بني ، أو كأنه ردد بيت الشعر الآتي:


فإن لم يكن مهد إليك يضمني

فيا حبذا يا هند لو ضمنا القبر


كم سمعت وقرأت عن قصص أشخاص فقدوا البصر والقدرة علي الكلام في مثل تلك المواقف، ولكن أن تصل إلي درجة الموت فذاك الذي لم أعهده.

أحيانا قد يتعلق الإنسان بأشخاص معينين كالأبناء والآباء والأخوة والأصدقاء إلي الدرجة التي يحل فيها ذلك الشخص في كيانك لتصبحا كيانا واحدا، فالإنسان اجتماعي بطبعه ويميل الي تكوين الصداقات والعلاقات مع الاخرين، كذلك فإن للانسان كامل الحرية في اختيار من يحبه ومن يصادقه ومن تأنس له الروح، من دون تدخل أو أن تكون العلاقات قائمة أساسا علي الطمع وحب المصلحة، فتلك العلاقات سرعان ما ينكشف زيفها.

كم من مرة خدعنا في أناس نحبهم واستودعنا أسرارنا لديهم ولكن في مواقف معينه اهتزت تلك الصورة وانكسرت علي صخرة الطمع وحب المصلحة، وراحت كذكري عابرة نتمني ان لا تعود ونكتفي بالتنهد الممزوج بالأسي والغصة. لذلك فإن علي الانسان أن لا يتعجل في الوثوق بالآخرين وأن لا يعطيهم أسراره، لأن ليس كل شيء صالحا للنشر أساسا. ومع ذلك ان لا أدعو لأن يضع الإنسان حاجزا بينه وبين الآخرين ليعيق التواصل معهم، بل يجب عليه ان يتأدب بآداب الإسلام وذلك بأن يبدأهم بالسلام وان يبتسم في وجهوهم وأن يشاركهم أفراحهم وأحزانهم لا أن يتوجس منهم ويتربص لهم الأخطاء ليوقع بهم.

العلاقات الخاصة من أجمل الأشياء في هذا الكون فقد يجد فيها البعض مساحة من الأمل يهرب إليها من الضغوطات اليومية.

العلاقات الإنسانية منها ما هو قائم علي أساس تبادل المنافع فأنت تصطدم بالكثير منها يوميا، ولكن هناك بعض العلاقات لها مكانة في النفس لأنك أنت من صنعها وطوعتها كيفما تشاء وأصدقها علي الإطلاق علاقة الأبوة فهي تتفوق علي كل العلاقات في القوة والتأثير ولو لم تكن كذلك لم مات الأب قبل ان يدفن ابنه.