كثر الحديث حول استخدام التنويم الايحائي والبرمجة اللغوية والعصبية في العلاج، والمعالجة بعلوم الطاقة، بعد ان اصبح لهذه العلوم اسس وقواعد علمية، واطباء مهرة، ومعاهد متخصصة، مما يستدعي بيان الحكم الشرعي في استخدام هذه العلوم في المعالجة، وكانت لجنة الفتوى في وزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية قد اصدرت فتوى اكدت فيها جواز استخدام هذه العلوم ضمن ضوابط محددة، واشترطت ان يكون الممارس لهذا العلاج حاصلا على مؤهل علمي معترف به يمكنه من استخدام هذا العلم في المعالجة، بالاضافة الى مراعاة الضوابط الشرعية والحصول على موافقة جهات الاختصاص لممارسة هذا العمل، وفيما يلي نص السؤال الذي وجه الى اللجنة واجابتها عنه:

اذا وصل التطور العلمي في مجال دراسة احوال الانسان، ومعرفة وظائف اعضائه، سواء من الناحية العضوية او النفسية، وكان لهذا العلم المسؤول عنه، وهو 'التنويم الايحائي' اسس علمية ثابتة وقواعد مستقرة، ومتفق عليها من العلماء المتخصصين في هذا المجال في علم الطب، واحاطة تامة بمعرفة آثاره الايجابية والسلبية، وكانت آثاره الايجابية على صحة الانسان وعلاج بعض امراضه مؤكدة، او غالبة، ولم تكن لاستخداماته اضرار تلحق بالمرضى او تؤثر في صحتهم، فان استخدامه يكون جائزا شرعا، فقد روي عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- انه قال: 'تداووا فإن لكل داء دواء إلا السام'.
أما اذا ترتب على استخدامه ضرر يفوق ما يترتب عليه من منافع فانه لا يجوز استخدامه شرعا.
وفي الحالة التي يجوز فيها استخدامه لا بد من توافر الشروط التالية:
بأن يكن الممارس لهذا العلاج حاصلا على مؤهل علمي - من معهد علمي معترف به محليا وعالميا - يؤهله لاستخدام علمه في علاج الامراض التي تدخل في اختصاصه.
ان تصدر الدولة التي يباشر هذا الممارس العلاج فيها - بناء على تخصصه - موافقة على حقه في مباشرة هذا العلاج لعلاج المرضى.
ان يراعى في العلاج ان يتم طبقا للضوابط الشرعية، والله تعالى اعلم. وصلى الله عليه سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

استخدام للجن

ترى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء في دار الافتاء السعودية ان التنويم المغناطيسي ضرب من ضروب الكهانة باستخدام جني يسلطه المنوم على المنوم فيتكلم بلسانه ويكسبه قوة على بعض الاعمال بسيطرته عليه ان صدق مع المنوم، وكان طوعا له مقابل ما يتقرب به المنوم اليه، ويجعل ذلك الجني المنوم طوع ارادة المنوم يقوم بما يطلبه منه من الاعمال بمساعدة الجني له ان صدق ذلك الجني مع المنوم.
واضافت اللجنة في فتواها حول حكم التنويم المغناطيسي: على ذلك لكون استغلال التنويم المغناطيسي واتخاذه طريقا او وسيلة للدلالة على مكان سرقة او ضالة او علاج مريض، او القيام بأي عمل آخر بواسطة المنوم غير جائز، بل هو شرك لما تقدم، ولأنه التجاء الى غير الله فيما هو من وراء الاسباب العادية التي جعلها الله سبحانه الى المخلوقات واباحها لهم.

هل يجوز العلاج بالطاقة؟ وممارسة فنونها المختلفة، مثل الريكي، الماكروبيوتك، وكذلك البرمجة اللغوية العصبية، وعلى يد ممارسين مسلمين؟ يقول د. قيس بن محمد آل مبارك عضو هيئة التدريس بجامعة الملك فيصل في الاجابة عن هذا السؤال:

- الريكي كلمة يابانية، فكلمة 'ري' تعني الكون، وكلمة 'كي' تعني الطاقة، فيكون معناها الطاقة الكونية.
فجسم الانسان فيه سبعة مراكز، يسمى كل مركز منها شكرة، ولكل شكرة لونها الخاص وفقا لاهتزازها، وتتصل هذه المراكز باثني عشر مسارا داخل الجسد، بحيث تصل الطاقة عبر هذه المسارات الى ارجاء الجسم. فالريكي يعني تحريك هذه المواضع، بحيث يتم بوضع اليد، او الاصبع على مواضع من الجسد محددة عبر ثلاثة تمارين، بحيث يترتب على ذلك توازن في الطاقة الداخلية، ومن ثم تصل الطاقة عبر المسارات الى داخل الجسم، فالريكي بهذا المعنى يعتبر علما صحيحا.
'الماكروبيوتك' هو نظام غذائي نباتي يعتمد على التقليل من الدهون وتكثير الالياف، فهو غذاء يركز على ما يسمونه موازنة الطاقة الحيوية من اجل الارتقاء بالصحة، فهو بهذا المعنى ايضا يعتبر علما صحيحا.
اما البرمجة العصبية فانها وسيلة تعين الانسان على تنمية ملكاته، والارتقاء بمهاراته وشحذ همته، وما يتبع ذلك من تحسين طريقة تفكيره، وتهذيب سلوكه. وقد عرفها بعضهم بانها: علم يقوم على اكتشاف كثير من قوانين التفاعلات والمحفزات الفكرية والشعورية والسلوكية التي تحكم تصرفات واستجابات الناس على اختلاف انماطهم الشخصية. فهو بهذا المعنى علم صحيح، مستنده الملاحظة والتجربة.
غير اني وجدت من يرى بانه يحوي افكارا مخالفة للشرع، فيقول: هي خليط من العلوم والفلسفات والاعتقادات والممارسات، تهدف تقنياتها لاعادة صياغة صورة الواقع في ذهن الانسان من معتقدات ومدارك وتصورات وعادات وقدرات، بحيث تصبح في داخل الفرد وذهنه لتنعكس على تصرفاته. وهذه دعوة تحتاج الى اثبات، فان صح وجود شيء من ذلك فلاشك في تحريمه، فلا حرج في استعمال اي معالجة ما لم يكن فيها شيء محرم.
بمعنى ان فنون المعالجات بالطاقة مباحة من حيث الاصل، غير ان هذا لا يمنع من وجود بعض الممارسات المحرمة، وهذا شأن استعمال جميع المباحات، مثال ذلك العلاج بالعقاقير والادوية فانه جائز، غير انه يحرم بالنجاسات، والعلاج بالطاقة شأنه شأن العلاج بالعقاقير.