مقال أعجبني في جريدة الجزيرة اليوم17/6/1428
[align=center]الجهود الفكرية تواكب الجهود الأمنية في حربها على الإرهاب
محمد بن حمود الهدلاء
جهود فكرية وعمل متواصل تسير عليها إدارة الأمن الفكري بوزارة الداخلية يواكب الجهود الأمنية لرجال الأمن البواسل التي حققت كثيراً من الانتصارات وكشفوا كثيراً من مخططات الأعمال الإرهابية قبل وقوعها بضربات استباقية، أصبحت محل تقدير المجتمع المحلي والدولي، وعلى نفس الخطى تسير هذه الأيام جهود فكرية توعوية لمحاربة الفكر الضال وتجفيف منابعه والقضاء على بذرته التي من الممكن أن ينشئ منها، بإغلاق منافذه، ويأتي ذلك من خلال كثير من البرامج والمناشط والملتقيات في كثير من المدارس والجامعات تهدف إلى بيان سماحة وعدل الإسلام ونشر الوسطية بين فئات المتلقِّين لقول الله تعالى {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} ونبذ التطرُّف والتعصُّب بين فئات المجتمع المدني وكشف كثير من الشبهات التي يضفي بها كثير من الإرهابيين الشرعية على أعمالهم الإجرامية، مع أنّها شبهات لا تصمد أمام النقد العلمي المدعم بالدليل الواضح من الكتاب والسنّة وتفنيد حججهم وتقويم الاعوجاج الفكري بالحجة والإقناع وكشف مخططاتهم التي تهدف إلى القضاء على كثير من مقدرات ومكتسبات الوطن وأبنائه، كما تهدف هذه البرامج والمناشط التي تشرف عليها وزارة الداخلية أيضاً إلى تعميق الولاء لله ولكتابه ولسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولولاة الأمر كما حثت عليه الشريعة الإسلامية وفق الكتاب والسنّة، مع ترسيخ مبادئ الوحدة الوطنية القائمة على العدل والمساواة، والحقيقة أننا في الوقت الراهن أحوج ما نكون إلى هذه الجهود الفكرية لتصحيح المفاهيم الخاطئة والمغلوطة لدى البعض عن طريق النصح والإرشاد وبيان الحقائق والتي قد يؤدي جهل البعض بها إلى الوقوع لا قدر الله في براثن الإرهاب أو حتى التعاطف معه مع محاولة انتشال من هو مؤهل لذلك فالجريمة بدايتها فكرة، حيث إن الفكر الإرهابي هو الجريمة في مرحلتها الجنينية، أمّا الفعل الإجرامي الإرهابي فهو وليد هذه الفكرة ونتاجها. لذلك فإنّها مهما اتسعت دائرة البحث عن أسباب الإرهاب، فإنّ سبب الانحراف الفكري سيظل في المرتبة الأولى وتأثيره هو الغالب. وهذا المرض الفكري يمكن أن يظهر في أي بيئة وبعدّة أشكال كالعنف والغلو والتطرُّف والإرهاب ويصيب كل من له استعداد نفسي وعقلي. لأنّ كل جريمة (إرادية) على الأرض مسبوقة تفكيراً وزمناً بفكرة شريرة في الدماغ فيجب أن ننظف عقول وأفكار شبابنا من شوائب الانحراف الفكري.
يقول وزير الداخلية صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز - حفظه الله - (إذا لم يكن هناك جهد فكري فلننتظر أن ينشأ أي عمل إرهابي في أي وقت)، من هذه الكلمة والحكمة التي تعتبر استراتيجية تنطلق من خلالها جهود دائرة الأمن الفكري لمواجهة التحديات عن طريق نشر الوعي والثقافة الأمنية، وبيان خطورة الوضع الراهن الذي يتطلّب جهود الجميع سواء في الأجهزة الأمنية التي تقوم بدور ريادي من خلال الذهاب إلى الكثير من الجامعات والمدارس لنشر الوعي الأمني إلى جانب عملها الميداني، وإقامة الدورات للمشرفين والمعلمين داخل الكليات الأمنية، بل إنّ الوضع الراهن يستلزم جهوداً أكثر من مؤسسات المجتمع المدني الذي يتطلّب منها المساهمة في استتباب الأمن، ونبذ التطرُّف، وأن تقوم بدورها المنوط بها من خلال علاقة تفاعلية مع الأجهزة الأمنية حتى تساهم في إيجاد مجتمع آمن، وقد ظهر بعض من هذا خلال أسبوع التوعية الأمنية الذي أقيم في الرياض، وقد حقق نجاحاً باهراً، وأتمنى أن يتواصل ذلك في الأعوام القادمة وتعميمه على مستوى المملكة في المدارس والجامعات، فلا بد أن تستمر هذه الفعاليات والمناشط الفكرية والتوعوية الوقائية لحماية أفكار الشباب من الانحراف ببناء سياج فكري أمني واقٍ قبل أن يتم اختطاف عقولهم، فقد قيل من قبل (درهم وقاية خير من قنطار علاج) حتى نجني ثماره إن شاء الله بخروج جيل مسلم لديه من الحصانة والمناعة والحجّة ما يمنعه من الوقوع في الانحراف الفكري المؤدي إلى الإرهاب، ويساهم في البناء والتنمية التي تعيشها بلادنا الغالية.
ولا يفوتني أن أسجِّل تحية إكبار وإجلال نسوقها إلى القائم على دائرة الأمن الفكري بوزارة الداخلية د. عبدالرحمن الهدلق، على الجهد الواضح والملموس وغير المسبوق ببرامج هذا العام وعلى جهوده التي يبذلها في سبيل تعزيز الأمن الفكري، حفظ الله حكومتنا وشعبنا وبلادنا من مكروه.
باحث وأكاديمي سعودي في مجال الأمن الفكري ومكافحة الإرهاب
Hdla_m@hotmail.com
جريدة الجزيرة اليوم الأثنين 17/6/1428هـ صفحة الرأي
أعجبني فنقلتهـ لكم[/align]
مواقع النشر (المفضلة)