الحب هو شعور يقولون يكون بالقلب من طرف تجاه طرف .. وأنا أقول أنه شعور لا أعرف أين يقع أو متي يقع.. شعور لا سيطرة لي عليه .. شعور يأتيك فجأة وعلي غير موعد وقد يذهب بنفس الطريقة.. المهم أنك لا تملك له دفعاً ولا تستطيع له حبساً.
والحب هذا المجني عليه.. ليس فقط بين الرجل والمرأة .. لكنك تجده بين أطراف عدة.. فقد نحب زهرة.. وقد نحب شجرة.. وقد نحب قطة.. وقد نحب عصفوراً.. أشياء كُثْرٌ نحبها .. بل قد نحب شيئا غير ملموسٍ ولا محسوسٍ كأن نحب ذكري من الذكريات أو حلما لمستقبل نوده.
لكن هذا المجني عليه ظلموه وحصروه واختصروه في لحظة شهوة سرقوها من أعين الناس جمعت بين رجل وامرأة .. كما أن ما بين الرجل والمرأة ليس الشهوة وحسب بل قد يحب أحدهما في الآخر أخلاقا أو حنانا أو كرما أو شهامة أو رقة أو حسن تدبير أو حكمة أو أو أو ....إلي آخر ما يحمله الإنسان من صفات نحبها جميعا .. أما أن نختصر كل ذلك في شهوة عابرة فهذا ظلم للحب وللأحبة.
كما أن الشهوة ليست فقط بين الرجل والمرأة فهناك شهوة المال وشهوة التملك وشهوة السلطة وصدق الحكيم الخبير إذ يقول زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث. . . . . الآية (آل عمران14).. إذا فهي شهوات وليست شهوة واحدة .. والإنسان زين له حب تلك الشهوات جميعاً وليس حب شهوة النساء فقط .. كماًً أن الحب ليس هو حب الشهوات وفقط .. فهناك كما ذكرنا سابقاً حب الزهرة والشجرة .. والنسيم العليل والصوت الجميل .. ولا نملك حقا في جدل إذا قال الله قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله .. فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه.. يحبون من هاجر إليهم ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله وهكذا نري أن الحب حياة رحبة فسيحة أطرافها كل مخلوق علي ظهر الأرض أو في السماء .. ونكون قد جنينا علي الحب إذا صرفناه فقط إلي شهوة رخيصة بين رجل وامرأة .. والحب درجات يكون في أعلي درجاته إن كان خالصا لله وفي أدني دركاته إن كان للنفس الأمَّارة بالسوء.
كما أننا نجني عليه أيضا عندما نحاسب من شعر به لمجرد أنه شعر به أو حتي تملك من قلبه .. لكن الحساب يكون علي تصرفات وأفعال من انتابه هذا الشعور .. فمثلا كلنا نحب أنفسنا لكن إن قادني هذا الحب إلي ظلم الآخرين من أجل نفسي فهنا الحساب .. وقد أحب زهرة ما في حديقة ولا حساب علي مادمت أني لم أقطفها فإن قطفتها كان الحساب .. وقد أحب أي شئ يملكه الآخرون ولا حق لي في تملكه وإلي هنا ولا لوم أو عتاب عليً لكن إن سرقته أو تحايلت ليكون في حوزتي فهنا الحساب واللوم والعتاب.
والعكس صحيح .. فقد أبغض شيئا أو شخصا أو حتي دولة فهذا حقي الذي لا أحاسب عليه .. لكن أُحاسب علي تصرفاتي فلا أظلمه ولا أبخس له حقا ولا أصادر له مالاً ولا أحبس عنه دواءً ولا أرمي به في غياهب السجون لمجرد الاشتباه أو لأن اسمه مصطفي.
الحب ونقيضه شعور لا أستطيع له دفعاً ولا جلباً.. أما تصرفاتي فهي ما أستطيع لها فعلاً أو تركاً وهي الدائرة مناط المسؤولية .. أما قلبي فلا سلطان لي عليه .. وما سمِّي قلبا إلا لتقلبه .. واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه.
فاللهم يا مصرف القلوب صرف قلبي علي طاعتك . .
واللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي علي دينك . .
مواقع النشر (المفضلة)