ثمة أشخاص متخصصون في صنع النوادر والنكت على الناس، فهؤلاء بخلاء وأولئك ليس عندهم مروءة، وآخرون يرمونهم بالجشع والطمع وعلى غيرهم بالغباء والغفلة، وهكذا دواليك، لا يتركون قبيلاً من الناس أو بلداً من البلدان إلا أبرزوا بعض عيوب أفراده، وعمموها على جميعهم في طرائف ونكت يبثونها على الناس عبر أجهزة الاتصالات أو حتى في المنتديات والمجالس والاستراحات.

وهذا النوع من السخرية لا تكاد أرض تخلو منه، فأهل كل بقعة يخترعون النوادر على جيرانهم، ساخرين بهم مقللين من شأنهم رغم أنها في القرى أكثر من المدن، حتى لا يعرف الواحد باسمه أو بكنيته، بل يعرف بما يعيره الناس به.

بل قد تخص السخرية بمجالس وبرامج يتمتع فيها روادها ومشاهدوها بالهزء بعباد الله تعالى والسخرية بهم والضحك عليهم.. ومن هنا نفهم جواب النبي - صلى الله عليه وسلم - لما سئل عن أكثر ما يدخل الناس النار؟ فقال: (الفم والفرج). وفي حديث معاذ - رضي الله عنه - قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم). فيا ليت الناس يشتغلون بعيوب أنفسهم عن عيوب غيرهم.