متابعات محمد المنصور(ضوء):خلال حديث امتزج بالدموع روت هيفاء السريحي والدة الشهيد مشاري السريحي الذي وافته المنية في موقف بطولي أثناء محاولته انقاذ جاره وابن جاره الأمريكيين من الغرق في احدى بحيرات ولاية اوهايو الأمريكية، تفاصيل اللقاء الأخير بينهما عبر الإنترنت قائلة: “كانت اخر مرة شاهدته فيها يوم الخميس الذي سبق وفاته عن طريق الانترنت، ولقد استعجبت من الشكل الذي رأيته عليه فقد كان أجمل من واقعه بكثير واعتقدت ان سبب ذلك هو جودة الكاميرا، لكن عندما ظهر لنا اخي نايف الذي يرافقه في شقته كان شكله كما هو فسررت اعتقادا مني بأن ابني يتمتع بصحة جيدة ولم اكن أعلم انها ستكون آخر مرة اشاهده فيها حتى أنه بدأ يستعرض لي عن طريق الكاميرا محتويات شقته ومطبخه، حيث كان رحمه الله يتميز بالترتيب وحب النظام، وقد ختم حديثه معي بقوله (مشتاقلك كثير ولا تخافي انا بخير وما ناقصني شيء).
طفولة ونهاية
وعن طفولة مشاري تحكي لنا والدته: شاء القدر أن اسافر الى أمريكا بعد ولادة مشاري بـ 9 اشهر ليقضي جزءا من طفولته بها، ثم عاد إليها ثانية لينهي حياته بها، وكان يتصف بالبر والشجاعة والتميز في كل ما يفعله، نشيط وحيوي لا يعرف الخوف او التردد كما كان منذ طفولته حريصا على زيارة اقربائه وصلة الرحم وتحمل المسؤولية حتى ان إحدى عماته والتي تسكن بمدينة ينبع باحت لي بسر كانت قد أخفته عنا طوال الفترة التي مضت، حيث كان مشاري يتصل عليها بشكل مفاجئ ليخبرها بأنه يقف عند باب بيتها في مدينة ينبع وانه قدم اليها سرا لكي لا نخاف عليه من مشاكل الطريق، حيث يقضي معها بعض الوقت ثم يعود في نفس اليوم الى جدة، وهذا ما يثلج صدري ويجعلني اطمأن عليه، فأنا وكل من شاهده بعد وفاته لا نشعر بأنه دفن تحت التراب حتى ان العديد من النساء اطلقوا الزغاريد بعد دفنه لانه بطل شرفنا جميعا، كما ان كثيرا من المعزين قدموا لي التهاني بدل التعازي على حسن خاتمته، حيث انه استطاع بفعلته ان يوصل رسالة واضحة ومشرقة عن الإسلام وأهله، حتى ان الكثير من الصحف العالمية تناولت قصته وموقفه البطولي.
أجر كفالة اليتيم
وتستكمل والدته الحديث عن ابرز الذكريات التي لا تزال في مخيلتها، ومنها قصته عندما قطعت عنه المكافأة الجامعية لفترة، وكان القلق يظهر على ملامحه بشكل واضح والحاحه على أن نعطيه مبلغًا من المال، مما أثار الريبة لدي انا ووالده، وبعد الضغط عليه علمنا انه كان كافلا لعدد من الايتام دون علمنا،
نسأل الله العلي القدير ألا يحرم ابني أجر كفالة اليتيم.
الأخ والصديق والحبيب
وتضيف شقيقته آلاء: مشاري لم يكن اخا فحسب، بل كان الصديق والحبيب المقرب إلى قلوبنا جميعا، فلم تكن بيننا وبينه أي حواجز حتى اني واخوتي اذا صدر من أي منا فعل يغضب والدتي كانت تتوعدنا بقولها (راح يزعل منكم مشاري)، ذلك أن غضبه كان يعني لنا الكثير، ولن انسى نظرات الطالبات لي فالجامعة بعد انتشار خبر وفاة اخي، فعلى الرغم من اني لم امكث بالجامعة سوى نصف ساعة الا اني وجدت الكثير من نظرات الفخر التي توجه لي من زميلاتي. وكانت والدة الشهيد قد استقبلت نبأ وفاة ابنها البكر مرددة الآية الكريمة (ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون)،
وأعقبتها بسجدة شكر لله على حسن خاتمته.