السعادة كلمة براقة تثير الكثير من الشجن وتستدعي الاف التفاصيل الساطعة التي تقفز بالابتسامة الحانية إلى محيانا عند ورودها ويستقطب بعضها دمعاتنا المعلنة فننهرها مداراة عن المستطلعين كما تقطر ذكرياتها المختبئة في شغاف النفس حكاية ما لزمن ما وحدث ما اوجعنا حتى النخاع او قذفنا في عوالم بهجة نابضة.
ترى ما كُنه هذا المفهوم الخلاب وما الذي يعنيه لدى أي منا ولماذا يثير كل هذا القدر من الاستدعاءات الذهنية حين يطرح قصدا او جزافا تساؤلات عدة وحثيثة على مدى عمر الانسان، طرحها البدائي في عصوره الحجرية، وعالم الفضاء المتدثر في تكنولوجيته، والعامل من وراء محراثه والفيلسوف والشاعر والفنان.
كل منهم نطق وبحث بأسلوبه عن اجابة لا بد انه قد تلقاها كاملة او جزئية والجدير بالذكر ان ذلك التساؤل كان وما زال وسيظل ملازماً للانسان ما دام يحيا لكونه مطلباً رئيسياً شديد الالحاح.
بل ان معظم الانشطة الإنسانية من علاقات عمل تدور حول هذا الفلك فالسعادة غاية وهدف اساسي في الحياة ولذلك اعتبرها من اهم الدوافع على المطلق للخير او للشر.
فالكل يريدها بشدة ويسعى لها بقوة ويسابق الآخرين وقد يدوس عليهم في سبيلها ورغم ذلك فهي من اكثر المفاهيم الحياتية التباساً فقد لا يتفق اثنان على تعريف واهداف لها ويعود ذلك بالطبع لاختلاف المشارب والتطلعات والرغبات لدى البشر فما يحقق السعادة لشخص قد لا يشكل اهمية كبرى لآخر.
فعندما تنحصر السعادة في أمر ما تحجب عن الانسان سواها مهما كان حجمها وسطوعها امام عينيه لأن منظومته الفكرية قد تربت على ادراك السعادة وحصرها في هذه الغاية فقط وكثيراً ما تكون من اطياف السعادة محيطة بالمرء الا انه قد يكون غير مدرك لها مما يعجزه عن رؤيتها او غيب ادراكه عمدا لانعدام الاهمية.
فقد تنحصر سعادة البعض في عمل ناجح ودخل متوازن معقول في حين يعتبر البعض الآخر ذاته محروماً من السعادة اذا لم تُصب حساباته البنكية بالتخمة المعلنة.
كما قد يجد احدنا سعادته في قدح من القهوة امام حديقته الصغيرة او في منزله مستمتعاً بتفاصيل ابنائه ومناقشاتهم حول مشهد تلفزيوني او حدث مدرسي بينما يراها اخرون في الركض السريع كل يوم في عز الظهيرة وان اخذ قسطاً من الراحة لملاحقة البنوك وشطحات الاسهم التي تهوي به خامداً في آخر النهار لا يلوي على شيء.
مواقع النشر (المفضلة)