لا أدري ماذا سأكتب ..
أو إلى أي شواطئ ستلقيني أمواج السطور ..
فرغم امتلاء مكتبتي بكل الخرائط القديمة للحرف ..
وعبثي اللا متناهي بملامح الأوراق ..
إلا أن حبر قلمي مازال تائهاً في أغوارك يا حرف ..
مازلت أسقط في ثقوبك المظلمة وتتعثر خطواتي في دروبك وكأني يوماً ما كتبتك ..
مازلت أراك وأنت توبخ بعض غروري ..
لتذكرني أنني قزماً أمام جسدك العملاق ..
وما العجب في ذلك ، وقد احتويت خليط بحار مشاعري دهوراً ..
فكوؤس حزني قد تجرعتها أنت لتسقط ألماً بين أتربة سطورك لتنبت زهوراً من جـــراح ..
تقبلت غضبي وسخطي بصمت الرضى ، حينما لا أجد حلمي إلا فوق أوراقك ..
" وطــــنٌ بلا جسد .... وفتـــــاة وجهها يشبه الشمس كثيــــــراً "
بنيـــتُ يا حرف فوق أوراقــك مدائن للمثاليـــــــة ..
رغم أن المثاليـــــة أصبحت دعابة يتبادلها الرجال في المجالـــس ..
وغرستُ أشجاراً من الصدق في أزقة سطورك التي لا تنتـــهي ..
واليوم أنا معك يا حرف خالياً ..
لا حزن يقتلني ... لا جرح يفضح صمت ملامحي ..
اليوم أختلف كثيراً لأني أتيتك بدون حقائب ..
لأغتال ثوب أوراقك البيضاء بتشوهات حبري ..
لأفتح معـــك ألبــــوم صـــوري ..
أتذكر ..
أتذكر يا حرف تلك الصورة القديمة لملامحي ؟
أجمل ما فيها سذاجتي وأنا ابن السادسة عشر ..
أترى ذاك الثوب الذي أرتديه لحلمي العذري ... كم كـــــان ورديــــاً ..
وتلك الصـــورة أتذكرها ؟ ..
نعم هي النقيض لسابقتها فهنا ملامحي تختلف كثيراً ، حيث أنني تجرأة بقلة خبرتي أن أجعل لذاك الحلم أقداماً ..
على أرض واقعــــــــــــــي ..
لأجد نفسي بلا وجــــه ..
بلا ظـــــل ..
لأرتطم بحواجز الخوف وصقيع الجرح ..
لتصبح ملامحي قطعاً من جليد لا ابتسامة تسكنها سوى فوق الشفاة .. عجباً ذاك كان وجهي !!!
وتلك الصورة حين أصبحت عارياً بلا عمر ..
أقف على صخور السراب متـــأملاً ..
متمرداً على طول سنين طيشي ..
متأملاً زجاج حلمي الوردي المحطم على حـــافة أقـــدام القدر ..
لأسمع عبارة لا تنسى داخلي .." آه كم كنت غبياً حينما ظننت الكمال في زمن النقص
والقصور "
في وقت صنعت لها تمثال عـــزة .... هي كانت تختـــار لي قبراً بين القبـــور ..
لم أتعجب من شئ وقتها سوى أنني مازلت أحيا ..
وتلك الصورة أتذكرها ؟
أترى بريق الضوء في قمة خنجري وأنا أشهره في وجه قدري لأنتصر على ذاتي وتصبح صفحتي ناصعة ..
بلا هــــزائـــــم ..
زال وقتها ارتجافة الأنامل ..
وألقيت وراء ظهري جسد ضعفي لأصبح لأول مرة رجلاً ..
فما كنتُ أفقه قبلها شيئاً عن معنى الرجــــولة ..
وقتها لامست عنقي بكفي فقد كنت قبل ذلك بلا عنـــــق ..
ليصبح لكبريائي معنى ..
ولذاتي جســـــد ..
ويخلق لنظرتي خبـــرةً وقــــوة ..
وتلك الصورة ما أهدأ ألوانها ..
أترى أتكائي على جـــدار الزمن ..
أتنفس هواءاً نقياَ متأملاً وجوه الناس وهي تتدحرج على رمال المــــادة ..
ما أصعب ذلك حين تُـكسر العيـــون وتلقى فـــي ســـلة الأرقــــام ..
فيحيطني الشمـــوخ لأني مازلــــت أشعر .. رغم خيوط التبلد التي تحاصرني ولغة المصالح ..
والآن ..
سأترك يا حرف ما تبقى من أماكن خاليه لصورٍ قد تـُخلق ذات يوم على أوراقك وقد لا تخلق أبداً ..
ليأتي يوم وأذكرك بوجه حبيبتي التي لم أمنحك صورتها ..
لأني اكتشفت سيدي أن ملامحها لا تكتب إلا في حروف لا تـــرى ..
دع ذلك سراً بيننا حتى عودة ..
انتهت ..
دمتم رفقاء الحرف..
احســاس خــالــد..
مواقع النشر (المفضلة)