العذراء والذئب ........
بسم الله الرحمن الرحيم
عندما غرزالذئب أنيابه بين ثديي العذراء
لقد بدأت فصول القصة بأروع المشاهد وأجمل اللحظات
كيف وقد أشرق في سماء الأبوين المنتظرين كوكب دُرِّي
يبث لهما النور ويورث فيهما السرور
إنها هبه من الله وأعطيه من الرب الجواد
وهديه أي هديه
إنها بنت
نعم بنت
أنثى أتت تحمل معاني الرقة والعذوبة
والجمال والدلال
وها هي الأيام تمضي وعقارب الساعة تسير ودولاب الزمن يتحرك
لقد تبسمت فأبسمت ثم لعبت وتكلمت فأبهجت
وبعدها استحت فخجلت فاحتشمت واستترت
وأصبحت واقفة على عتبة مرحله الشباب
فأضحت زهرة نظرة فتيه
تبث عطرها العبق وجمالها الخلاب أينما كانت
إنها تشكّل صفحه بيضاء ناصعة بهية
وبرآءة صافية نقيه
ومعاني سامية جليه
وهمه متوقدة عليّه
عُلّقت عليها كثير من الآمال
كأمل الأرض بقطر السماء
وفجأة ودون موعد ولا سابق إنذار
خرج في فضاء الحورية نجم سَطَع
فشد لمعان بريقه ذِهْنها وأخذ يسير نحوها
خارجاً بين غبار السديم يقترب بخياله من بعيد
فإذا الرؤية تصفو والمشهد يتضح
فكان ذات من الذوات ومن فصيلة النصف الآخر
عليه حلة تثير الدهشة و الإعجاب
وبهاء يأسر النفوس فلم تقاوم الانجذاب
مُردداً شعارات تبث الطمأنينة والسكون
فقالت في نفسها الصافية
لعله يكون نصفي الآخر وفارس أحلامي وبطل قصتي
وسفينة النجاة التي أبدأ بها مشواري الجديد
فهو أملي السعيد
ولقد جمع الفارس المؤمَل والبطل المنتظَر
بين حسن المنظر ولباقة التعبير وروعة التصوير وفن التأثير
فأخذ يتقرب ويقترب وطَفِق يتمتم بتعاويذ سحر البيان
لينفثها على قلب بضاعته الطيْب وحسن الظن
ومطيته الصدق وحاديه الأمل
ولقد نفذ سحره فصنع لها من الخيال
ما يكفي أن تتيه النفس من روعته عن الحقيقة
وها هي تقطع المفازات والقفار سائرة إليه دون شعور
تطأ و تدوس بأقدامها الناعمة كل اعتبار
مُتَخطّية كل السدود والحواجز والحدود ( المادية والمعنوية )
حتى وصلت إلى مرحله التقاء الأنفاس
وبينما هي في قمة التأثر وأعلى درجات سكر المشاعر
نفذت إلى أنفاسها رائحة من أنفاسه( نكره)
أخذت تبدد مفعول السحر وتزيل آثار السُكر
وبينما هي بين الإغماء والإفاقة
وما أن أخذت عينيها تتفتح رويداً رويداً وطرفها يرتفع الهوينة
هالها منظر ما رأت
أنياب ذئب تخرج من بين شفتيه تلمع حقداً يقطرمنها لعاب التعطّش و الخسة والنذالة الأنانية
التفتت
نظرت
بدهشة حائرة يعلوها إعصار الفزع
فإذا يديه التي على أكتافها
تبرز منها مخالب حملت كل معاني الافتراس
إنها الحقيقة التي أبت إلا أن تضرب الخيال على هامته
لتبْتر رأسه معلنه الظهور
ولكن بعد انقضاء الفرصة وفوات الأوان
عندها صرخت صرخة مدوية رددت صداها الأماكن والأزمان
ولكن للأسف لم تبلغ الآذان
إما لبعد المكان وإما لضياع إنسانية الإنسان
وصرخت صرخة أخرى
ولكن بعدما أن غرز الذئب أنيابه بين ثديي العذراء
ممزقاً أستار الحياء مقطعاً العفة إلى أشلاء
مُهَتِّكاً حصون الكرامة والفضيلة
مُشُّوِهاً صورة الجمال ببشاعة منظر الدماء
التي انتثرت فلطّخت جدران قصور العزة
لقد عاث فساداً فغارت أنيابه بكل وحشيه
لتغتال الرقة والطهر والبرآءة والأمل
وأدخل بفعله(الشرف)غياهب وسراديب السجون
وقلد( العار)مراسم الحكم
آه ثم آه ثم آه
لقد سالت دماء العذراء مسدلةً الستار
لانتهاء أبشع قصة اعتداء وانتهاك
ليرتفع الستار مرة أخرى معلناً بدأ قصة المآسي والشقاء
لقد هُدِّمت قصور العزة
لتحل محلها كهوف الذل
وأُطْفِأت شموع الأمل
ليعم في النفوس دياجير اليأس
وتحولت الزهرة إلى حنظله مريرة
فَقَدت البهاء وعَبَق العبير
ثم رُمَت في صحراء النسيان
لتستنشق سموم الحسرات
وتكتوي بنار الندم وحرقة الخطيئة تردد الزفرات
تقاسي ألم الوحدة
تنتظر الضمور والجفاف
بعيد ة كل البعد عن أسباب الحياة
فماتت مع أنها تسير بين الأحياء وصار الأمل هو الممات
ولا زالت كؤوس الذل تُسكب وتُسقى للمجتمع
ليتجرعها فيقاسي ألم المرارة
فإلى متى وكيف المنتهى وإلى الله المُشتكى
للعبرة
الطموح
مواقع النشر (المفضلة)