كان جعيل بن سراقة الضمري من فقراء الصحابة، وكان دميما قبيح الوجه، وقد أثنى عليه النبي، صلى الله عليه وسلم، ووكله الى إيمانه، وكان مع رسول الله يوم حنين، ولما أعطى رسول الله زعماء القبائل، قيل: يا رسول الله أعطيت عيينة بن حصن والأقرع بن حابس مائة مائة، وتركت جعيلا! فقال: 'والذي نفسي بيده لجعيل بن سراقة خير من طلاع الأرض مثل عيينة والاقرع، ولكني أتألفهما وأكل جعيلا إلى إيمانه'.
وجاء عن ابي ذر ان رسول الله سأله يوما فقال له: 'كيف ترى جعيلا؟ قلت: مسكينا كشكله من الناس، فقال: وكيف ترى فلانا؟ قلت: سيدا من السادات! فقال: لجعيل خير من ملء الأرض مثل هذا! فقلت: يا رسول الله، ففلان هكذا وتصنع به ما تصنع؟ قال: إنه رأس قومه فأتألفهم!'. ويروى عنه أنه قال لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، وهو متوجه إلى أحد، إنه قيل لي: 'إنك تقتل غدا! فقال عليه السلام: أوليس الدهر كله غدا؟'.
قال جعيل بن زياد الأشجعي: خرجت مع النبي، صلى الله عليه وسلم، في بعض غزواته، وأنا على فرس عجفاء ضعيفة، فكنت في آخر الناس، فلحقني رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقال: سر يا صاحب الفرس، فقلت: يا رسول الله، عجفاء ضعيفة! فرفع عليه السلام مخفقة كانت معه، فضربضها بها وقال: اللهم بارك له فيها، قال فلقد رأيتني ما أملك رأسها قدام القوم! ولقد بعت من بطنها باثني عشر ألفا!
وورد أن رجلا جاء الى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قيل إن اسمه جعال - فقال: يا رسول الله، أرأيت إن قاتلت بين يديك حتى أقتل، يدخلني ربي عز وجل الجنة ولا يحقرني؟ قال: نعم، قال: فكيف وأنا منتن الريح، أسود اللون، خسيس العشيرة! ثم مضى فقاتل، فاستشهد، فمر به رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقال: الآن طيب الله ريحك، يا جعال، وبيض وجهك.
ولما حفر النبي، صلى الله عليه وسلم، الخندق، قسم الناس فكان يعمل معهم، وكان فيهم رجل يقال له جعيل، فسماه رسول الله عمرا، فارتجز بعضهم فقال:
سماه من بعد جعيل عمرا
وكان للبائس يوما ظهرا
ورسول الله إذا قالوا: عمرا، قال: عمرا، وإذا قالوا: ظهرا، قال معهم: ظهرا!
مواقع النشر (المفضلة)